الأسلوب والعُرف الشعبيان

آراء 2021/01/13
...

  ريسان الخزعلي

في كل بيئة مجتمعية، يكتسب الفرد أو الأفراد أساليب شعبية في السلوك الاجتماعي وطريقة العيش والتعامل الحياتي اليومي، ضمن حدود هذه البيئة أو خارجها .
 وكثيراً ما ينشأ وينمو الاعتقاد بصحة هذه الأساليب إلى الدرجة، التي لا يُسمح بمناقشتها أو التعرض لها بالنقد أوالانتقاد، وتعجز أحياناً حتى القوانين المدنية الوضعية النافذة في الدولة من أن تحد منها أو توقفها، ومن المعروف أن الأساليب الشعبية ترتبط بالتجمعات البشرية الضعيفة المتشابهة، في نمط النشأة والتكوين الاجتماعي والتعليمي والثقافي والنفسي والظرف الاقتصادي الذي تعيشه .
إنَ الأساليب الشعبية، كما يعللها العلماء، لا تنشأ بفعل جيني بايولوجي، وإنما تنشأ وتتطور بفعل سلوك بدائي تراكمي متوارث ضمن البيئة الواحدة، توقظه عوامل شعوريّة ولا شعورية كامنة ومترسبة في الذات بتأثير ماض لا يحمل إلّا صورة واحدة ثابتة جاهزة للمشاهدة والمعاينة، ومن الصعوبة أن تُبدّل أو تتغير .
يتمسك الأفراد بالسلوك أو الأسلوب الشعبي تمسّكاً شديداً، ويعتقدون بأنه اسلوب صحيح وحقيقي وأخلاقي في آن واحد حتى وإن كان في نظر ومعيار الآخر سلبياً، وهنا لابدَّ من الإشارة إلى أنَّ بعض الأساليب الشعبية فيها ماهو ايجابي، لاسيّما تلك المتعلقة بالتكافل الاجتماعي والنخوة الإنسانية والضيافة، وغيرها من الإمور ذات التوصيف 
القِيَمي. 
وعندما يكون الإسلوب الشعبي ايجابيّاً ومتّصفاً بصفات الحقيقة والواقعية والعقلية والموضوعيّة، فإنّه – كما جاء في معجم علم الاجتماع - يتحوّل إلى عرف شعبي، والعرف الشعبي قد يتحوّر إلى أنظمة وقوانين وأحكام ثابتة.
إنَّ المجتمعات ذات الأساليب والأعراف الشعبيتين تفرض عقوبات خاصة على كل مَن يُخالف هذه الأساليب والأعراف، فالفرد الذي يُخالف قواعد الإسلوب الشعبي يُجابه بالإستهجان والاستهزاء، بينما الفرد الذي يُخالف تقاليد العُرف الشعبي، يُجابه بالسخط والاستياء وسوء المعاملة، من هنا يكون الالتفات إلى الأساليب والأعراف الشعبيتين في مجتمعنا ضرورة حتميّة، كي تُدرس جيداً وتُحلل ويُقيّد السلبي منها بقوانين عقابية ضمانا ً وحفاظاً لحاضر ومستقبل مجتمعنا باتجاه حياة مدنية تُناسب أهمية مجتمعنا الحضاري.