الأخلاق والقانون

آراء 2021/01/15
...

 حميد طارش
القواعد القانونية والاخلاقية تشترك في كونهما معيارا للسلوك الاجتماعي القويم، الّا انهما يختلفان من حيث الجزاء وليس بالضرورة ان يكون جزاء مخالفة القانون اقسى من جزاء مخالفة الاخلاق، فقد يكون الاخير لا يطاق ويدفع المخالف الى ترك منطقة سكناه او محل عمله للهروب من عقوبة ازدراء واستنكار المجتمع له، وان كان الاعم الاغلب يصّب لصالح جزاء القانون، لكن ظل كلا النوعين من القواعد يكمل أحدهما الاخر، فالاخلاق تؤثر في القانون بغية حماية قيّم سامية، كتحريم الغش والفساد والتزوير وخيانة الامانة والاعتداء على حق الحياة والاثراء، من دون سبب وحسن النية في تنفيذ الالتزامات وهكذا، كما أثرت الاخلاق في مساحات اخرى مهمة في التنظيم القانوني، كالضرائب وفرضها على الاغنياء فقط لحساب خدمة الاغنياء والفقراء معا والالتزام بالواجبات الوظيفية لتلبية حاجات الناس وتحقيق الرفاه الاجتماعي او الالتزام بمساعدة الافراد او السلطات عند المقدرة، وقد هذبت الاخلاق قواعد القانون بتجريم التعذيب، كونه سلوكا مشينا لا يتناسب مع كرامة الانسان ومنافيا للاخلاق، بل وخففت القواعد الاخلاقية العبء على القانون، فكلما شاع التمسك بها في المجتمع تراجعت نسبة الجرائم والمشكلات والنزاعات وتحققت غاية القانون، وهذا ما يستدل عليه في هولندا، التي أصبحت فيها السجون فارغة، وحراسها اكثر بكثير من السجناء مما دفعها الى غلق العديد منها وتحويل البعض منها الى فنادق من فئة خمس نجوم! بخلاف دول أخرى، كالعراق الذي تشهد سجونه اكتظاظا بالسجناء بحسب تقارير الرقابة الدولية 
والمحلية.
نعم لكل من القانون والاخلاق دائرته المستقلة الّا انهما يشتركان في مساحة كبيرة للتكامل والتأثير المتبادل تكمن في أن لا تطبيق عادلا للقانون ولا تنفيذ فعالا له ولا التزام جيدا به بمعزل عن قواعد الاخلاق، فالتزام الافراد بالقانون كلما كان اختياريا كان افضل واجدى بخلاف الالتزام القسري بالقانون والأول لا يكون الّا اذا كان محتوى القانون منسجما مع
 الاخلاق.
والسؤال الاهم هنا ما هي سبل الالتزام بالسلوك الاخلاقي من قبل الافراد والمشرّعين والحكومة بما يجعل القانون عادلا ومطبقا وفعالا؟!.