نجاح العلي
التجارب الديمقراطية في جميع الدول تقاس وفق محددات رئيسة، اولها النظام الانتخابي المتبع في تمثيل المواطنين وثانيها الاحزاب والكيانات السياسية المتنافسة في ما بينها، واخيرا الناخب ومدى وعيه وثقافته في اختيار المرشحين القادرين على تلبية طموحاته واحتياجاته المادية
والمعنوية.
التجربة الديمقراطية الناشئة في العراق حصل فيها تطور ايجابي من ناحية النظام الانتخابي والتحول من القائمة المغلقة الى القائمة المفتوحة،
والاهم ما تم اقراره مؤخرا بتقسيم المحافظات الى دوائر انتخابية محددة بعدد السكان واحتساب الفائز، الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات، الا ان الخلل يكمن بتشظي الاحزاب وتعددها وعدم بزوغ احزاب وتكتلات سياسية واضحة المعالم ذات برنامج انتخابي قابل للقياس، فلدينا اكثر من 400 حزب سياسي مسجل رسميا يتنافسون على 329 مقعدا
وهو امر سلبي وغير مقبول في اي عملية سياسية ويشتت المواطن في اختيار من يمثله، رغم ان دائرة شؤون الاحزاب والكيانات السياسية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد فرضت على كل حزب رسمي ينوي الدخول في الانتخابات دفع مبلغ 25 مليون دينار غير قابل للاسترداد، الا أن الاحزاب الجديدة ما زالت تتوالد وتنشأ، اذ صادقت المفوضية مؤخرا على 231 حزبا جديدا، اضافة الى 204 أحزاب مسجلين في السابق، مع العلم ان التعديلات التي جرت على قانون الانتخابات قسمت العراق ولاول مرة منذ عام 2003، الى 83 دائرة انتخابية يخصص لكل دائرة منها من 5 الى 3 اعضاء باحتساب اصوات اعلى الفائزين وهذا الامر يدفع كل حزب لترشيح شخص واحد او اثنين في احسن الاحوال في كل دائرة منعا من ضياع اصواتهم، مع الملاحظة ان هناك اكثر من 60 حزبا، حمل اسماء دالة على المتظاهرين لاستغلال زخم التظاهرات والتعاطف الشعبي والدولي
معها.
من المتوقع في الانتخابات المقبلة مع هذا الكم الهائل من الاحزاب وخاصة الجديدة منها، انها لن تحصل سوى على اقل من 100 صوت وهذا سيؤدي الى ضياع اصوات الناخبين وهيمنة واستفراد الاحزاب الراديكالية على مقاعد مجلس النواب
المقبل.