ماجد عبدالحميد الحمداني
في بداية تشكيل كل حكومة يتم تشخيص حالة الوضع الاقتصادي المتردي وباستمرار من قبل الكثير من الخبراء الاقتصاديين علنا ومن على شاشات الفضائيات، فضلا عن واجب تلك الحكومات أصلًا بالتعميق بالاحتياجات الاقتصادية ووضع الحلول الناجعة لها، وتكثر الوعود بتحسين هذا الواق، ورغم كل ذلك الا ان الاداء الاقتصادي يزداد ترديًا، نعم هنالك فساد كبير ينخر مفاصل الدولة جميعا يقابله ضعف بطرق مواجهته من قبل الحكومة حتى الآن، ولكن هل يبقى الشعب يسمع كلاما فقط نظريًا وتطرح الأفكار وما أكثرها لتطوير القطاعات الاقتصادية دونما فعل على الارض، هذا ما لايتحمله عاقل ليس في العراق، بل في جميع بلدان العالم، فالشعب الذي شارك في جميع العمليات الانتخابية مهما كانت نسبة المشاركة، مؤكد سيقف يوما بالضد من النظام الديمقراطي برمته بسبب الفشل في تحقيق تطور حقيقي، لاسيما من اصحاب القرار وأجد أن على ذوي الاختصاص التنبيه المتواصل وكما نشاهدهم منذ فترة ليست بالقصيرة، من خلال وسائل الاعلام المرئي والمقروء والمسموع الى خطورة التسويف وخطورة أيضًا خسارة المزيد من الوقت لأجل المصالح الضيقة، لان تراكم تلك الأخطاء سيعقّد من الخلل وكذلك من القدرة على إيجاد الحلول والامثلة كثيرة.
فتعطيل الصناعة والزراعة وعدم بناء سد واحد يتناسب وحاجة البلد للمياه وغيرها كثير، يجعل المواطن في احباط كبير، بل ان للجانب النفسي غير الارادي لدى الناس سيكون سلبياً حتى على المستوى الاجتماعي، بسبب التداعيات الاقتصادية السلبية على عامة الشعب، وهذا سيدخل البلد في دوامة وهذا ما نعيشه هذه الايام، من خلال خطط التقشف غير المدروسة تماماً، وفق المتخصصين في الجانب المالي والاقتصادي، لاسيما أن العالم بات يحسن ويركز على أبجديات التخطيط المدروس، فمعيب جداً في بلد مثل العراق يضم المئات بل الآلاف من الخبرات الرائدة في جميع المجالات الحياتية، وتكون القرارات من اصحابها كأنها ارتجالية فاقدة للبصيرة، فمن يتوقع مثلًا ان تصدر وزارة المالية في يوم واحد قرارات عدة لتخفيض قيمة الدينار العراقي واخرى لاستقطاعات كبيرة في الرواتب وان كانت في مراحلها الأولى، فبدلا من وضع حلول ومعالجات مناسبة، اصبحت حلولًا ترقيعية لا ترقى حسب اغلب الاقتصاديين لاترقى للمهنية، وعليه نعتقد ان اعادة الخطط بشكل جذري والاستعانة بأهل الشأن ضرورة قصوى لالغاء وتعديل الكثير من تلك القرارات، بشكل يبعد الضرر عن عامة الشعب، ومنهم الموظفون وطرح خطط لمشاريع اقتصادية وانتاجية متنوعة الدخل، وكذلك الابتعاد عن البعد الارتجالي او الدوائر المحدودة قبل إصدار القرارات المصيرية الكبيرة واعطاء خطط التنمية الاولوية، فضلاً عن ابعاد دوائر الفساد وبشكل عاجل والاستعانة بالقضاء مع اختيار الاشخاص ذوي القدرة والنزاهة، وكذلك ابعاد التجاذبات السياسية من التدخل في تنفيذ تلك المشاريع، مؤكد بعدها ستكون تلك الاجراءات فاعلة وذات جدوى وعكس ذلك فإن الأمور ستكون من سيئ لأسوأ، وهذا ما لايتقبله العراقيون جميعاً.
إذا فلا بد من اجراءات بديلة تتبلور من خلال معايير لايختلف عليها خبراء الاقتصاد والمال وعلى شكل مراحل، ضمن منهجية واقعية وعلمية تضع عامة الشعب، لاسيما الطبقات الاقل دخلاً وكذلك الطبقة الوسطى في حالة اطمئنان على مستقبلهم، وإلا سوف تذهب الامور إلى مالا يحمد عقباها- لاسمح الله تعالى.