باسم محمد حبيب
تأتي هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي كتبتها للمطالبة بإعمار ذي قار وعدة محافظات أخرى شبيهة لها في ظروفها وفي سوء واقعها الإعماري والخدمي، وهي مقالات دأبنا على نشرها في جريدة الصباح منذ 5 آب 2019 ، أي قبل بدء تظاهرات تشرين أول بشهر واحد، ثم تواصلت إلى العام التالي، إذ عرضت فيها حاجة هذه المحافظات البائسة والمهملة للإعمار والخدمات، وان هذا هو أهم ما يطلبه أهل هذه المحافظات بشيبهم وشبابهم بنسائهم ورجالهم بأطفالهم وشيوخهم، وإن عدم تلبية ذلك سيؤدي إلى هياج عام وغضب عارم يصعب كبحه بسهولة، لكن للأسف لم تجد هذه المقالات اذانا صاغية من المسؤولين، ولم يكن هناك أي رد فعل مهم تجاهها، عدا تصريح لرئيس الوزراء السيد الكاظمي عن حاجة محافظات الجنوب للإعمار صدر بعد يومين من نشري مقال: ( المحافظات الجنوبية والمشاريع المتلكئة ) في عدد يوم 29 آيار من جريدة الصباح من دون ربط ذلك بأفعال ملموسة، لكن الناس لم تعد تلقي بالا لما يقدمه المسؤولون من وعود أو ما يطلقونه من تصريحات حول هذا الأمر، لكونهم لم يروا أي تنفيذ لها، لاسيما تلك التي يجري طرحها قبيل الانتخابات البرلمانية لكسب أصوات الناخبين .
واليوم أعود لأحذر من هبة جماهيرية جديدة إذا ما جرى تجاهل مطالب الناس الأساسية، لاسيما وبشكل أساس مطلبي الإعمار وتوفير الخدمات، فواقع هذه المحافظات من حيث نسب الفقر العالية وسوء مستوى الخدمات المقدمة وقلة مشاريع الإعمار المنفذة، مقابل كثرة المشاريع الوهمية والمتلكئة ينذر بذلك، وعلينا أن نستفيد من دروس عام 2019 ، فأسباب إنطلاق تلك التظاهرات ما زالت قائمة ولم يجر معالجتها للأسف، على الرغم من قسوة تلك الظروف وشدتها وما جرته من أحداث جسام مازالت آثارها باقية إلى الآن، وكأننا لم نمر بها أو نشهدها على مدى عام كامل .
فعلى الرغم من أن التظاهرات قدمت مطالب كثيرة بعضها ذات صفة سياسية، كتعديل الدستور وتغيير النظام من برلماني إلى رئاسي وإسقاط الحكومة.ز الخ، إلا أن المطالب الأساسية كانت واضحة للعيان وجرى طرحها في أوقات عدة، وأهم هذه المطالب: إعمار المحافظات التي فيها قلة إعمار وسوء في الخدمات المقدمة، فضلا عن تبديل مفوضية الانتخابات وتعديل قانونها، ليكون ضامنا لوصول مستقلين، فضلا عن تيارات جديدة غير التي اعتاد الناس عليها على مدى السنوات السابقة، فمطالب كهذه هي أهم ما ينشده الناس سواء أولئك الذين شاركوا في التظاهرات، أم الذين فضلوا الصمت يئسا من ممثليهم أو في انتظار انتخابات
جديدة .لذا فإن أفضل شيء تقوم به هذه الحكومة هو وضع خطة خاصة بالإعمار والخدمات، تتناسب مع حاجات كل محافظة وظروفها وأحوالها، فمن شأن أمر كهذا أن يشعر الناس بأن مطالبهم، التي بذلوا الغالي والنفيس لأجلها في طريقها إلى التحقق، فيسود الأمن والسلام وتعود الأمور إلى مجاريها مرة
أخرى .