عن أي منارة يتحدثون؟

آراء 2021/01/19
...

 محمد شريف أبو ميسم

ما من دولة حاولت تسويق نفسها تحت غطاء الديموقراطية والدفاع عن حقوق الانسان أكثر من الولايات المتحدة، حتى بات الحديث عن القيم الديمقراطية الأميركية أشبه بترنيمة على ألسنة المأخوذين، بنموذجها الديموقراطي بوصفها منارة للديموقراطية تارة، أو مدافعة عنها تارة أخرى. ومنارة الديموقراطية هذه، هي خلاصة الثقافة التي نسجت قصصا من البطولة في العقل الجمعي الأميركي في اطار البنيان العقائدي القائم على الترويج لمكانة الأمة الأميركية وعظمتها كما يرد ذلك في خطابات الرؤساء الأميركان في مواسم التنصيب وكما يرد على ألسنة رجال الكنيسة الذين يشاركونهم مراسيم التتويج، لأمة يراد لها أن تكون وصيا على الديموقراطيات الناشئة، لأنها الأمة النموذج بحسب عقيدة الأميركيين، ولأن الله سبحانه وتعالى حباها من دون غيرها من الأمم برسالة عالمية. 
فماذا بقي من هذا الحديث؟
وعن أي منارة ديموقراطية سيتحدث المأخوذون بها، وثمة رعب وترقب يسود الشارع الأميركي، جراء ديموقراطية أجازت اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من الشهر الحالي، ومنحت المقتحمين حق التلويح بالسلاح يوم تنصيب الرئيس الجديد،وهذا الرعب مرده نحو 400 مليون قطعة سلاح تنتشر في البيوت «بحسب تقارير متعددة أشارت الى احتمال حدوث عمليات ارهابية خلال تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن»، بينما يحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي من إمكانية تنظيم تظاهرات مسلحة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتشير تقارير أخرى إلى أن مجموعات مسلحة تخطط للتجمع في خمسين ولاية أميركية، فيما تورد مجلة «بوليتكو» الأميركية عن مصادر من الحرس الوطني، أشارت الى الاستعداد الكامل لاحتمال مهاجمة مبنى الكونكرس بعبوات ناسفة تزامنا مع تنصيب بايدن.
وبرغم ما يمكن أن يعده البعض تهويل اعلامي، الا أن الاستنفار الأمني وتأكيد مسؤولين أمنيين «أنهم لن يسمحوا بتكرار ما حدث في الكابيتول، دعا البعض من المراقبين الى أبعد من ذلك، فيرى المختص بشؤون الاستخبارات والامن القومي «ريتشارد وايتز» ان أخطر سيناريو ينتظر أميركا يتمثل بمحاولة اغتيال بايدن في حفل التنصيب، الا أنه قلل من احتمالات ذلك بوجود قبضة أمنية حديدية والمدافعين أكثر جاهزية بحسب قوله، ما يعني ان القلق وحالة الخوف من ارهاب محتمل عززته حالة الانقسام في الشارع الأميركي الناجمة عن عدم القناعة بنتائج الانتخابات، التي تتحكم بها الدولة العميقة التي تدير شؤون الولايات المتحدة والعالم، وهذا ما ردده بعض من المتظاهرين، الذين شاركوا بعملية اقتحام الكابتول، فعن أي منارة يتحدثون.