مسرحية (شباك اوفيليا) التناص وكسر المتوقع الدرامي

ثقافة 2021/01/20
...

 رضا المحمداوي 

أزاء مسرحية (شباك اوفيليا) لمؤلفها: جواد الأسدي ومخرجها: مناضل داود والتي قدَّمتْها الفرقة الوطنية للتمثيل مؤخراً على المسرح الوطني يمكنُ أنْ أتساءل: إلى متى يبقى المسرح العراقي متكئاً على النص الشكسبيري ليعاود إنتاج وتجديد معاني مسرحياته وشخصياته بعمقها الكلاسيكي الراسخ في الدرس الأكاديمي المعروف؟
ذلك لأن هذه المسرحية وانطلاقا من عنوانها المرتبط بشخصية (اوفيليا) ستكون في حالة تناص مع مسرحية (هاملت) الشكسبيرية، وبكل ما في هذه المسرحية من عمق وحضور وغنى درامي تجسَّدُهُ شخصياتها الممتلئة بالصراع والتناقض والحب والتآمر، وبكل ما تحملُهُ من دوافع وأسباب لأفعالها الدرامية التي بقيَتْ طوال قرون من الزمان نابضةً بالحياة والحضور المسرحي المتجدد، وما (شباك اوفيليا) سوى إطلالة تناصية جديدة على مسرحية (هاملت) ومحاولة كتابة (نص مسرحي) جديد يتعالق أو يتعشق مع مسرحية شكسبير من خلال مشاكسة وتحريك تلك الشخصيات المسرحية الراكدة في الذاكرة المسرحية، ومن ثم زجّها في بوتقة التفاعل والتواصل من أجل الإتيان بمعنى مغاير آخر يقوم على أساس ذلك البناء الدرامي القديم.
ومن هنا يتوجّبُ التطرق إلى فرضية التلقّي الأولى في التعاطي مع هذه المسرحية إذ تقوم تلك الفرضية أساساً على مبدأ أن المتلقّي المسرحي الجديد لا بُدَّ أن يكون قارئاً وعلى دراية بمجريات وأحداث مسرحية (هاملت) قبل الدخول الى قاعة المسرح الوطني وتلقّي المعنى الجديد في(شباك اوفيليا) بعد أنَّ تم التغيير والتبديل والاستحداث وكذلك التكثيف الزمني وضغط الأحداث في البناء المسرحي الجديد،وإن حافظ المؤلف على أسماء شخصيات مسرحية (هاملت) المعروفة.
وهنا في هذا النقطة بالذات أطرحُ مسألة الجمهور المُستهدف فهل جمهور هذه المسرحية وغيرها مما تنسجُ على منوالها هو الجمهور المسرحي العام أمْ أنَّها قد حدّدَتْ مسبقاً جمهورها بما يُعرف عادةً بأنه (النُخبة)؟
وأحسبُ أن نقطة (التناص) الجديد لكاتبهِ: جواد الأسدي ستكون في موضوع قتل الملك والاستيلاء على كرسي الحكم من قبل كلاوديوس(الممثل: جاسم محمد)بمشاركة الملكة غروترود (الممثلة: زهرة بدن).وستبقى شهية الدم مفتوحة على العديد من تصفيات الخصوم والمناوئين والرافضين لجريمة القتل والاستيلاء على الحكم حتى لو اقتضى الحال إلى تحويل الرعية إلى قطيع من الخراف المطيعة وخاض الناس في برك من الدم.
ولا سبيل للمقارنة أو استحضار الثنائية العاطفية بين هاملت(الممثل: أياد الطائي) واوفيليا (الممثلة: آلاء نجم)وقد تغيَّرتْ العلاقة بينهما وانتهتْ الى لعبة مفضوحة من البرود والتباعد ومحاولة نسيان الماضي والتنكّر لتلك العاطفة المشبوبة، وكذلك الحال مع الشخصيات الأخرى مثل الأب المتملق بولونيوس (الممثل: حسن هادي) والأخ الرافض الأعمى لايرتيس (الممثل: أمير إحسان) والصديق الضعيف هوراشيو (الممثل: أحمد شوقي).
وبهذه الشخصيات التي تمَّتْ إزاحتها عن مواقعها وأماكنها القديمة وحلّتْ في (الخارطة الأصعب) لعملية(الإخراج) كما يصفها المخرج مناضل داود في دليل العرض، فإن اللعبة المسرحية قد تغيَّرتْ تماماً وأصبح لزاماً على هذه المسرحية ذات الفصل الواحد وبزمن عرض امتدلـ 45 دقيقة، أنْ توصل معنى وفكرة السلطة والاستيلاء عليها واحتكارها بقوة القتل والدم، بواسطة منظومة العلاقات والشخوص في خارطتها الجديدة.