لمن الحاكمية؟

آراء 2021/01/20
...

 أحمد حسين 
بداية أقول إنني لا أحمّل جهة معينة دون غيرها مسؤولية ما يجري في بلادنا منذ العام 2003 وحتى الآن، سواء كانت سياسية أو دينية أو عشائرية أو اجتماعية، حكومة أو برلماناً أو قضاءً، داخلية وخارجية، وأيضاً لا أنفي أننا ورثنا هذه الفوضى وغياب الدولة من النظام السابق، الذي أجهض آخر ما تبقى من مفهوم الدولة المؤسساتية في تسعينيات القرن الماضي.
ولكنني في الوقت نفسه لا أبرئ أية جهة، كلنا شركاء بما يجري، غير أن السؤال الأهم هو: هل جميعنا نتحمل المسؤولية أو الذنب نفسه، هذا ما أبحث فيه لكي أصل إلى حقيقة واحدة وهي معرفة، من هو الحاكم الفعلي لبلادنا ولمن الحاكمية التي من المفترض أن نركن إليها، الدستور، القانون، القضاء، الحكومة، البرلمان، المرجعيات الدينية، الأصول العشائرية، والأعراف الاجتماعية، هل لنا حاكم أم مجموعة حكام وأحكام، ولمن يجب علينا أن نلجأ، وما هي الضوابط التي تجعلنا ضمن إطار الحاكم والمحكوم؟.
إن كانت لدينا منظومة حاكمة واحدة فعلينا أن نعرفها وعليها أن تُعّرف عن نفسها وتحكم قبضتها وفق روح الدولة المدنية، وليس دولة المزاجات والاجتهادات، وإذا كانت لدينا عدة منظومات، فأيضاً يجب توضيح ماهية أحكامها وضوابطها وحدود شموليتها، لكي يعرف كلٌ منّا على أي أرضية يقف ومتى عليه أن يلتزم وفي أي الحاكميات يجب أن ينضوي، أو ما هي الأحكام التي تطوله ولا تشمل غيره، أما أن تُترك الأمور هكذا فعندها سنكون مرتزقة لدى هذه الجهة أو تلك، أو حلبة لاستعراض القوة من هذا وذاك.
حين نتحدث عن انتمائنا لعائلة، فيجب أن نعرف ضوابط وحدود هذه الأسرة، ولا أتحدث عن بيئة أو مجتمع أو دولة، بل عن الأسرة لكونها أصغر تمثيل للمجتمع، وفي حال غابت عن هذه الأسرة الأحكام، فلا تثريب على ما يصدر عن أفرادها من أفعال تتنافى مع متبنياتها، أو حتى مع الفطرة السليمة، فحين تغيب الحدود يصبح كل شيء مباحا، ويتحول الشذاذ إلى حكام بأمر الله وسلاطين بعبودية من الأتباع وأشياخ بتفويض من
 الجهلة.
علينا أن نضع حدوداً واضحة ونلتزم بها لكي نتحكم بالأمور ولا نترك الأبواب مفتوحة أمام تجار الدين والسياسة والمجتمع والمال، وإن لم نفعل ذلك فليضع كل منّا صنماً في فمه يحطم به أسنانه وعظام فكه ولا يلوم عظامه وأسنانه لأنها لم تقو على تحطيم أصنام 
الآخرين.