غربة الأهل.. غربة الوطن

ثقافة 2021/01/22
...

  بغداد: الصباح
 
يذهب الشاعر عباس نعمان في كتابه الصادر عن بيت الكتاب السومري «هذا ما سقط من ساعي البريد» نحو الغربة في نصوص ابتعد فيها عن عنونتها أو ترقيمها، وتركها هكذا تندرجُ تباعاً عبر (139) صفحة من القطع المتوسط. يعمل نعمان عبر نصوصه على العشاق والأحياء القديمة وضياع العمر وغيرها من الثيمات التي تستحضر هذا الغياب، ويقول في أحد النصوص: (لا ينتظر القطار طويلاً/ كي لا تُغرقهُ دموع المودعين). ويأخذنا الشاعر لعالم المجروحين بصمت العاجز، حين يقول: (المعاقون يجيدون أدوار الرقص/ سراً في أحلامهم/ خشية أن يمنعهم الواقع/ من مزاولة هذه الرقصة).
يقول في نص آخر: (هكذا أنا ما زلت/ عليلا على الفراش/ اتنفس أيامي بضيق/ وأسرد للغائبين وجعي/ يا لحكايتي الحزينة عندما/ تتراقص روحي وتخرج/ من جسدي هاربة من كثرة الهذيان). ويقول الشاعر في صفحات أخرى: (للوداع اشكال مختلفة اقساها/ حين نودع سنواتنا التي لن تعود).. وكذلك: (النوم على سطوح المنازل فرصة/ لمحادثة الرب بلا سقوف عازلة)
وينشد أيضاً: (منسي كشجرة/ أفنت سنيناً من عمرها/ وهي تطعم كل سكان الحي/ ثم يتضاحكون/ على ظلها المائل من فرط التعب). ويختتم الشاعر كتابه عبر تدوين نص على غلافه الأخير: (في اليوم الذي ذهب لاستلام ورقة احالته على التقاعد، كان يحمل في حقيبته كما من الرسائل التي لم يستلمها أحد. 
كان ينوي تسليمها، إلا أن بعضاً منها سقطت منه سهوا. وبينما أنا عاكف على التقاطها راح متلاشياً في الأفق.. نعم، لقد فتحت الرسائل، انتخبت نصوصاً منها، جمعتها في كتاب أسميه (هذا ما سقط من ساعي البريد).