يمثّل كتاب «الجدل.. حوار حول الإسلام» معركة فكرية بين فيلسوفين مختلفين في كل شيء، فالكتاب الذي ألفه ريمي براغ وسليمان بشير ديّان، كان بمثابة حوار جدلي حول ماهية الإسلام ومفاهيمه مع كل التحولات في الجغرافية السياسية على مرّ العصور.
ففي هذا الكتاب الذي ترجمه محمد الحاج سالم، وصدر مؤخّراً عن دار الروافد الثقافية في لبنان، ودار ابن النديم في الجزائر، نقف أمام فيلسوفين اختلفا في التكوين الأكاديمي، مرورًا بالعقيدة الدينيّة والعرق واللغة، وصولاً إلى الموقف من العرفان ومشاغل الروح في هذا العصر المتميّز بمادّيته الفجّة، كل هذه الاختلافات لم تمنع المؤلفين ليلتقيا في حبّ المعرفة وإيقاد نار الجدل، وهو ما حفلت به أدبيّات العرب والمسلمين في العصور كلّها من خلال ما سُمّي بأدب الاختلاف في أوساط الفلاسفة والفقهاء والمتكلمين والمفكّرين والأدباء والسياسيّين، فنتذكّر الجدل بين «تهافت الفلاسفة» للغزالي و»تهافت التهافت» لابن رشد، وبين «فضيلة المعتزلة» للجاحظ و»فضيحة المعتزلة» لأبي الحسن الراوندي، وبين مئات الكتب التي ترتكز على الاختلاف في الرأي.
ويبين مترجم الكتاب، أنه من مساوئ هذا العصر أنّه يُعاني من فقر مدقع في الجدل بين العقول المنتمية إلى حضارات مختلفة واستبداله في كثير من الأحيان بمعارك الشتائم والإهانات، وما نقرأه على الشبكات الاجتماعيّة شهادة محزنة على ذلك. أمّا ما يُسمّى بـ «الحوار»، فهو لا يعدو في كثير من الأحيان سوى ستار يُخفي بشكل سيّئ إجماعاً فضفاضاً أو كسولاً، إن لم يتحوّل إلى «حوار مجاملة ومهادنة» نحاول فيه بكلّ حذر عدم إثارة مسائل قد تُزعج محاورينا كي لا يُزعجونا هم بدورهم.
الكتاب قُسّم إلى تسعة فصول، منها: الإسلام في عصر العولمة، القرآن والعنف، لا إكراه في الدين، ما الفرق بين الإسلام والإسلامية؟، وغيرها.