أحمد حسين
بعد نحو ثلاث سنوات من خلو نهاراتنا وأمسياتنا من دوي الانفجارات ها هي تعود مرة أخرى لتفجعنا بتفجير مزدوج في منطقة الباب الشرقي وسط العاصمة بغداد راح ضحيته عشرات الشهداء والجرحى، عمليّة انتحارية مفاجئة وغير متوقعة بالنسبة للمواطنين لكنها لم تكن مستبعدة من قبل الأجهزة الاستخبارية، هذا ما أكده لي أحد الأصدقاء الذين تعرفت عليهم أثناء عملي في الملف الأمني إذ يقول إن تنفيذ الإرهابيين لتفجير بسيارة مفخخة أو عملية انتحارية كان من ضمن مخاوفنا.
هناك إنجازات حققتها الاستخبارات والمخابرات العراقية صادمة بل مستحيلة، لكن للأسف الشديد هناك من لا يترك المؤسسات العسكرية والأمنية تعمل بمهنية ويتدخل بشكل سافر في عملها وأحياناً يستقتل لعرقلتها.
التدخل في العمل العسكري والاستخباري لا يقتصر على الجانب السياسي بل بالدرجة الأساس في اختيار قيادات غير كفوءة في مرفقات حساسة وخطيرة تتطلب خبرة كبيرة لإدارتها وهذا انعكس سلباً بشكل كبير على الأداء، وإلى جانب ذلك يأتي ضعف الإعلام الأمني وأحياناً تأثيره العكسي في عمل وسمعة المؤسسة العسكرية والاستخبارية، والحقيقة ملف الإعلام الأمني العراقي إذا ما فتحناه فلن يغلق لما يكتنفه من خيبات أمل وركاكة، ولا أدري وفق أي معيار يتم اختيار المتحدثين العسكريين والأمنيين، ولا أرى سوى اعتماد أسلوب يضر أكثر مما ينفع، وعلى سبيل المثال تصريح أحد المتحدثين الأمنيين على خلفية التفجير الأخير في الباب الشرقي اذ قال إن الانتحاريين اللذين فجرا نفسيهما “كانت القوات الأمنية تلاحقهما ولديها معلومات عنهما قبل التفجير لكنهما شعرا بالملاحقة وكانا أسرع بعملية التنفيذ”، وهذا لا يعني إلا تفسيراً واحداً لأحد احتمالين، الأول: أن القوات الأمنية كانت تطارد الانتحاريين لكنهما أفلتا منها، والثاني: أنهما كانا تحت أنظار ومتابعة الأجهزة الاستخبارية، وفي كلتا الحالتين هذا يعني أن الانتحاريين مشخصان ومعرّفان من قبل الاستخبارات فكيف سمحت لهما بالوصول إلى تجمع مدني وتفجير نفسيهما، هل هذا ما يريد المتحدث الأمني إيصاله إلى الشارع العراقي؟.
أجزم وبكل ثقة لو أن بعض الجهات كفت عن التدخل بالشأن الأمني لكان الاستقرار يعم العراق منذ سنين
خلت.