بايدن والظروف المناسبة

آراء 2021/01/23
...

 يونس جلوب العراف 
 
المشاريع القديمة قد تركن على رفوف النسيان لمدة طويلة او تنسى من قبل صاحبها، أو في بعض الاحيان قد تجد من يشجع على أحيائها ويرفع عنها غبار التلاشي من خارطة البقاء في اللحظات الأخيرة، إن وجد الفرصة المناسبة لتنفيذها، فقبل فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بسباق الرئاسة الاميركية، كان قد طرح في السابق مشروعا لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم (كردي- سني- شيعي)، لكن بعد وصوله للحكم يبرز سؤال كبير، هو هل سينفذ بايدن خطته في تقسيم العراق وهل ستسمح له الظروف 
بذلك ؟ 
هناك من يقول إن السياسة الاميركية هي مؤسساتية ولن تغيير بوصول بايدن إلى الحكم وتغير الرئيس، وربما يكون تأثير ذلك طفيفا على سياسة الولايات المتحدة في كل دول العالم، لكن بايدن إذا كان متمسكا حتى الآن بمشروعه، وإذا طرحه مرة أخرى، فإنه سيلقى قبولا من بعض سياسي المحافظات المحررة من عصابات داعش الاجرامية ذوي الهوى الاميركي وسيقولون للتغطية على ذلك انهم لايحبذون الذهاب إلى الأقاليم المشكلة على أسس طائفية، وإنما يحبذ خيار الأقاليم الإدارية، بمعنى أن تأخذ كل محافظة صلاحيات الإقليم وبذلك يمكن أن نحافظ على وحدة العراق، ولكن هذا الامر سيكون مرفوضا من سياسي الشيعة الذين سيكونون في كل الاحوال هم الاكثرية في مجلسي النواب والوزراء، بينما سيكون الاكراد مرحبين كونهم سيحصلون على تأييد اخر لبقائهم منفردين في اتخاذ القرارات وربما سيعطيهم قوة مضافة بحجة إن موضوع الأقاليم دستوري ومدرج في الدستور العراقي.
بايدن قال ما نصه ان «الولايات المتحدة تدعم نظاماً فيدرالياً في العراق على أساس ثلاثة أقاليم سنّية وشيعية وكردية» لكن على وفق المتوفر من القناعات السياسية للكتل، لا بد من القول إن الظروف المناسبة لتقسيم العراق غير متوفرة في الوقت الراهن او المستقبل القريب، ففي حالة رفض المكون الشيعي لتقسيم العراق، وهو ما متوقع الحدوث، سيقول السنة إننا ندعم اللامركزية الإدارية ونرفض التقسيم تحت أي عنوان كان، وإنَّ مشروع التقسيم يعني الخراب، والدمار، والاقتتال، والحرب الأهلية، لكن جميع الأقوال ستبقى أقوالا، ولن يقولوا نعم للعراق الواحد وللدولة العراقية القوية المستقرة، ولا للتقسيم واللا دولة التي سيتسبب بها تكوين الاقاليم، كونها ستبنى على أسس طائفية وعرقية وهذه الحقيقة التي لا يحجبها غربال السياسة المبنية على المصالح الحزبية في اغلب الاحيان . 
ان العقل والمنطق يقولان إن اراد بايدن ان يكون رئيسا ناجحا للولايات المتحدة، فعليه التخلي عن فكرته السابقة الداعية للتقسيم، حيث من الممكن أن يكون وصوله إلى سدة الحكم فرصة له لاعادة التوازن إلى السياسة الدولية مع دول العالم، التي اهتزت بسبب سياسات الانفرادية والمزاجية لترامب خلال الأربع سنوات الماضية، اما بالنسبة للعراق فيجب أن تعود الامور إلى مسارها الطبيعي، ولا بد ان تكون لغة الحوار سائدة أكثر بين بغداد وواشنطن من اجل تجاوز لغة العداء، التي اصبحت سائدة خلال حكم ترامب وهو ما يأمله الجميع، كما ان على بايدن ان يسعى للعودة إلى طاولة الحوار مع جميع الدول، بدلا عن لغة التهديد والدفع باتجاه بناء علاقات جديدة مع إيران تخدم مصالح الولايات المتحدة الاميركية والمنطقة، وعليه ان يعي ان الحكم لا يعني تنفيذ الرغبات الشخصية بل هو الفعل الواعي لاستقرار 
العالم.