صورة التصويت في الانتخابات المقبلة

آراء 2021/01/24
...

   زهير كاظم عبود
شكلت المطالبة بانتخابات مبكرة مطلبا شعبيا، تمت الاستجابة له، بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، ويشعر المطالبون بإجراء هذه الانتخابات أنها الطريق السلمي لتغيير مسار العملية السياسية، ومع عدد من الأحزاب القديمة والحديثة التي تم تسجيلها في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية التابعة للمفوضية العليا للانتخابات 427 طلبا تمت اجازة نحو 231 حزبا ولم تزل الطلبات مستمرة . وبالرغم من توزيع بطاقات الانتخابات بين المواطنين، إلا أن حديث المشاركة من عدمها بالانتخابات المقبلة على عموم الشارع العراقي يطغي على بقية الأحداث، فينقسم الناس بين يائس من التغيير وبين من يرى أن الوجوه والكتل نفسها ستعود وتسيطر على الساحة السياسية، وهي نفسها المتهمة بأنها ضيعت مستقبلهم وبعثرت أحلامهم وسرقت ثرواتهم، من دون أن يتمكن أحد من محاسبتها، ولم يتم وضع حد للفساد والتعدي على المال العام، في حين يجد غيرهم أن الأصوات القادمة ستضعف من قوتهم غن لم تستطع أن تنافسهم وتحاسبهم أو أن تزيحهم عن مواقعهم، وأن يتم انتخاب دماء جديدة وشابة لها القدرة على ترميم أحوال العراق مع نظافة اليد والضمير التي يفترض أن يتمتع بها أي نائب عن العراق. 
تمكن العراقي من أن يشكل تجربة وليدة خلال تلك السنوات المنصرمة جعلته على بصيرة ومعرفة ويدرك جيدا مواقف بعض النواب وتوجهاتهم وطموحهم وما قدموه للشعب، سواء عن طريق كتلهم السياسية أو أحزابهم أو مواقفهم الشخصية المعلنة، او التي تنشرها منافذ التواصل الاجتماعي، تكشفت لنا عن قضايا ومواقف وقفتها الكتل والأحزاب من أوضاع الفقراء والمتقاعدين والمعاقين والأرامل واليتامى والأزمات، التي يعيش العراقي تحت وطأتها، ومن أوضاع العراق الاقتصادية ومن سلم الخدمات الأساسية التي باتت آخر ما يطالب به العراقي . 
مرت سنوات توجب علينا أن نحسن الاختيار وأن نكون أكثر دقة في التشخيص وأن نختار من نجده مؤهلا للعمل ضمن الهيئة التشريعية التي تتشكل منها دعائم الدولة العراقية الثلاث وفقا للدستور، وأن نجده يمثل كل العراق لا يتحدد ولا يتقيد بطائفته أو دينه أو قوميته، وأن نختار من نراه مؤهلا لتحمل المسؤولية القانونية ليعمل للعراق وشعبه قبل أن يسعى لنفسه ولطموحه الشخصي، فالنائب هو ممثل لكل العراق، وعليه أن يحافظ على السيادة والكرامة والسمعة، وأن يرعى مصلحة العراق قبل أن يرعى مصالح عشيرته وأهله وأقربائه، وبعد كل هذا يكون أمينا على تطبيق وصيانة الحريات والحقوق التي جاء بها الدستور . 
سنوات جديرة تجعلنا لا نترك الأمور تسير منم دون أن يكون لنا رأي فيها، فالانتخاب حق مقرر ومشروع بمقتضى الدستور، وممارسة هذا الحق واجب وطني، وأهل العراق متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، وأن نعتمد الاختيار الحر في تشخيص من يتم انتخابه، ولأن الشعب مصدر السلطات والقاعدة الأساس لشرعيتها، فيتوجب على المواطن أن يمارس اختيار هذه السلطات بكل حرية ودون ضغوط او ممارسة وسائل وسبل غير مشروعة لشراء الذمم والأصوات، لذا تترتب مهمة ممارسة حق الانتخاب على كل مواطن مشمول به . 
ولأننا نعتقد ان التغيير لا يتم من دون ان يقوم المواطن بممارسة حق الانتخاب بوعي، وتحديد من يراه مؤهلا وكفوءا لتحمل مسؤولية عضوية السلطة التشريعية، وأن يكون مؤهلا لنيل هذا المركز، وأن يكون ممثلا للشعب بحق، وهذا التأهيل والاقتدار من خلال فهم المرشح لجسامة المهمة والمسؤولية القانونية التي توجبها اليمين الدستورية ومهام العضوية، ان يكون واعيا لاختصاصاته التشريعية التي حددتها المادة ( 61 ) من الدستور وليس معقبا للقضايا والمعاملات أمام السلطة التنفيذية، ورقيبا على أداء السلطة التنفيذية وليس مفتشا في أجهزة الدولة ودوائر الخدمات، وليس موظفا تنفيذيا ووسيطا لمراجعة دوائر الدولة، وان يمتنع النائب عن ممارسة أو أداء أي عمل آخر، فلا يجوز الجمع بين عضوية المجلس وأي عمل او مسؤولية أخرى . 
مع الإخفاق الذي اتسمت به العملية السياسية سابقا، فإننا أمام مفترق طرق بين ان نختار مجلسا للنواب يليق بالعراق لسنوات مقبلة، وبين أن يسيطر اليأس على نفوسنا فنوفر للسابقين أن يتربعوا مرة أخرى على كراسيهم وهم غير مؤهليهم لها .
ان نختار من نراه مؤهلا للمساهمة في إطفاء نيران الطائفية؟ ومشاركا في إعادة لحمة العراقيين ووحدتهم، من نراه حقا عراقيا قبل ان يكون عربيا او كرديا او تركمانيا او آشوريا او كلدانيا، من نراه عراقيا قبل أن نراه مسلما أو مسيحيا أو مندائيا أو أيزيديا، ومن نراه أيضا عراقيا قبل ان يكون شيعيا او سنيا، ولا ننكر من ان بعض من أعضاء مجلس النواب كان أمينا على مهمته قائما بواجباته حريصا على حضور الاجتماعات واداء واجبه بمهنية . 
فعضو مجلس النواب يقوم بالمساهمة في تشريع القوانين الاتحادية، ويسهم في مهمة الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ولايمكن ان يكون جزءا منها، ونضع أمام أبصارنا كل القوانين الضرورية، التي تم تأجيلها أو تم تأجيلها من قبل المجلس السابق، وأن نضع أمام أنظارنا حصة العراقيين الفقراء من المواد الغذائية التي تقلصت تدريجيا، حتى باتت لا تفي بالغرض الذي قامت من أجله، علينا ألا ننسى القوانين التي نامت في أدراج المكاتب والحقوق التي هدرت بسبب عدم اكتمال النصاب حتى لايمكن إقرار القوانين . 
 العديد من المرشحين يراهن على ذاكرتنا، وكل اعتقادهم ان العراقي ينسى بسرعة وينقاد للوعود الكاذبة وينبهر بالألقاب الرنانة، باتت الخلافات والمهاترات الإعلامية في الفضائيات للأسف هي المحور الأساس الذي ينشغل بها عدد من أعضاء مجلس النواب بعيدا عن هموم الشعب، العراق أمانة في أعناقنا من خلال حسن الاختيار وصواب التشخيص، والمستقبل بصمة إبهام ترسمها الأجيال الجديدة على ورقة الانتخاب، فلا تفرطوا بهذا الحق، وأن يتذكر الجميع بأن دماء الشهداء التي طالبت بهذه الانتخابات هي الرقيب في التصويت، فلا تضيعوا حقكم في الاختيار، حتى يمكن ان نفكر معا بصوتٍ عالٍ اننا بحاجة ماسة لنظام اتحادي فيدرالي يضمن مبادئ الديمقراطية ويكفل حقوق الإنسان والمساواة الحقيقية أمام القانون ويتمسك باستقلالية القضاء، ومنع كل أشكال العنف وصيانة الحرية والكرامة وضمان حرية التعبير بكل الوسائل مع ضمان حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحرية الفكر والضمير والعقيدة واحترام 
الأديان .