أ.د عامر حسن فياض
يشي خطاب الوداع لترامب عن التوعد بالعودة، بينما يشي خطاب التنصيب لبايدن عن التعهد بالوحدة وبين تفاصيل التوعد بالعودة والتعهد بالوحدة تكمن خرابات الشياطين!
كم هو وهمي أن يحزن خصوم اميركا بسقوط ترامب، وكم هو اكثر توهماً ان يفرح حلفاء اميركا بفوز بايدن بيد ان الاجمل من وَهْم الحزن وتوهْم الفرح سيكون من نصيب الذي يعرف ماحصل زمن ترامب ويفهم ما سيحصل زمن بايدن.
قبل ايام شاهدنا ترامب ووداعه الاسود للبيت الابيض ، كما شهدنا بايدن وتنصيبه الحزين داخل بيت لم يعد محيط سياجه آمناً.لقد أراد ترامب لأمريكا ان تكون دولة عظيمة وغادرها دولة عند حلفائها، غير عظيمة. وعند خصومها ، ذليلة!! أرادها دولة داخل مخيفه لصالح البيض وتركها دولة خائفة من الملونيين !! أرادها دولة تضحك على الآخرين وودعها دولة يضحك منها الآخرين !! العالم تغير ولم يعد كما هو قبل زمن الكورونا نعم العالم لاعلاقة له بفوز بايدن بل له علاقة بهزيمة ترامب، وهذا العالم احتضن من مع ومن ضد ترامب ومن كان مع ترامب توزع بين حلفاء لم يحترمهم واتباع احتقرهم واستحلب ثروات شعوبهم، ومن كان ضد ترامب خصوما أشداء بالاقتصاد (الصين) واقوياء بالسلاح (روسيا) ومطاولين بالمقاومة (ايران).
امام بايدن محنة اجتياز امتحانات صعبة في الداخل الاميركي وخارجه لترميم ومعالجة خرائب علاقات خلقها ترامب مع الحلفاء والمنافسين وازاحة شرعنة انقسامية مجتمعية وشعبوية عنصرية متطرفة والشفاء من وباء كورونا ومرض الضحك على اميركا ومرض ونصب الجدران مع الجيران، ومرض الظاهرة الترامبية وشبح ترامب الذي سيظل يحوم على القادم الاميركي.اما عن تسويق الاوهام (الحلم الاميركي – الديمقراطية للشعوب – السلام لعالم افضل – مكافحة الارهاب – حقوق الانسان) فاذا كانت الادارات الاميركية ما قبل ترامب جميعها تتثوب بها، فان ترامب مزق هذه الاثواب القيمية ليكشف عن عورة تفضيل المصالح الاميركية المرتكزة على ثوابت لا تتبدل ولا تتزحزح (زعامة العالم وقيادته – أمن اسرائيل – نهب ثروات الشعوب).والصعوبة ان بايدن لن يهمل هذه المصالح الثوابت ابداً، لكنه سوف يصعب عليه تغليفها بثياب القيم كأسلافه بعد ان مزقها ترامب إرباً إرباً. نعم عند بايدن حزمة قرارات وبرامج وسياسات يمكن ان ترمم بعض تصدعات البيت الابيض لكنها، في المتوقع، لا تعالج كل الخرابات التي أورثها له ولمن بعده ترامب.