صنـع فـــي الـعـراق

آراء 2021/01/25
...

   د . صادق كاظم
كانت عبارة (صنع في العراق)  شاهدا على عقود من الطموح الوطني بتأسيس قاعدة صناعية، كانت قابلة للتطور من خلال حزمة كبيرة من المصانع التي افتتحت عبر العهدين الملكي والجمهوري، حيث تنوعت هذه المصانع في اختصاصاتها وبشكل يلبي حاجة البلاد منها مع تصدير الفائض منها الى الخارج، لكن هذا التوسع الصناعي، لم يكتب له الاستمرار بسبب دخول النظام السابق الاجرامي المباد في دوامة مؤلمة ومظلمة من الحروب والعقوبات الدولية، اضافة الى اقتحامه ميدان صناعات الاسلحة، التي كانت منافسا شرسا للصناعة التقليدية وطاردا لها من ميدان المنافسة والتطور قبل ان تجهز العقوبات الدولية الشديدة  المطولة على ما تبقى لتلك الصناعة من طموح بالعودة .
كان الامل بعد 9 نيسان من العام 2003 كبيرا في ان تستعيد الصناعة العراقية عافيتها من جديد، وان تدار بعقلية احترافية متطورة عبر خطط ستراتيجية للنهوض بها تقوم على تحديث خطوط الانتاج وتأمين احتياجات السوق المحلية اولا، ومن ثم تطوير المنتجات وتصديرها لاحقا، لكن هذا وللاسف لم يتحقق عندما تخلت الحكومات المتعاقبة عن قطاع الصناعة، بل انها ادارت ظهرها له وقامت ومن خلال سلوك غريب بفتح الاسواق العراقية امام البضائع المستوردة الرخيصة والرديئة، وتشجيع المستوردين على اغراق السوق بتلك المنتجات، من دون اية اجراءات مقابلة تعمل على حماية المنتوج الوطني او تشجيع رؤوس الاموال الوطنية العديدة على الاستثمار في القطاع الصناعي، وتاسيس قاعدة صناعات وطنية خاصة داعمة للقطاع الصناعي الحكومي، لتتسبب تلك السياسة وللأسف في استنزاف العملة والاقتصاد، بل إنها اسهمت ايضا في رفع معدلات البطالة ومضاعفة اعداد خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، بسبب عدم وجود اماكن شاغرة لهم في تلك 
المصانع .
استعادة الصناعة العراقية لهيبتها ودورها الايجابي في الاقتصاد والمجتمع امر ممكن لو توفرت الارادات، من خلال تطوير تلك المصانع وتوفير احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، التي تعد ام المشكلات بالنسبة لها، فضلا عن حماية منتوجاتها من المنافسة مع امكانية طرح البضائع والمنتوجات الصناعية الوطنية في الاسواق باسعار تفضيلية وتشجيعية للمواطن، لجذب المستهلكين مع تقنين اعتماد الوزارات والشركات الحكومية والخاصة على الاستيراد الخارجي وصولا الى الغائه لاحقا .