سعد العبيدي
ضرب الإرهاب بعد غياب قسري بغداد في ساحة الطيران، أودى بحياة أكثر من ثلاثين شهيداً من الشباب الساعين الى كسب العيش وإعالة أسرهم الفقيرة، الغياب القسري لفعل الإرهاب الخسيس جاء بعد خسارة عصابات داعش الارهابية في معارك المواجهة مع القوى الأمنية للدولة، لكن داعش التي لم ينته دورها في إثارة الاضطراب في المنطقة، استطاعت تجميع بعض شتاتها وتكوين القدرة المناسبة لتنفيذ عمل إرهابي جديد، وفي المقابل تسجل خرقا أمنيا تتحمل جل مسؤوليته الأجهزة الاستخبارية، التي لم تتمكن من إعادة صياغة تكوينها وسياستها لمرحلة ما بعد هزيمة داعش.
فالتعدد في الأجهزة الاستخبارية المعنية في التعامل مع التهديدات استخبارياً مثلاً زاد عن الحدود الطبيعية، لتوزيع المهام والمسؤوليات والزيادة خطأ يفضي الى التراخي والاتكاء في تحمل المسؤوليات، والترهل في الموجود والرتب في عمومها خطأ آخر أدى الى نوع من البطالة الاستخبارية، التي تؤثر سلباً في الأداء. والاتكاء في التعيينات للمراكز القيادة في عموم الأجهزة على الولاء المحاصصي خطأ آخر حرم تلك الأجهزة من الكفاءات، وحال دون اكتسابها المهنية سبيلاً للتفوق على الخصم في ساحة القتال الاستخباري الأهم، ومع هذا فمن الملاحظ أن الحكومة تحاول سد الثغرات،
حتى إنها بادرت ولأول مرة في تغيير
قيادات لبعض المواقع الاستخبارية، وهو اجراء صحيح لتحمل المسؤولية وحشد الجهد باتجاه التقليل من احتمالات التكرار،
لكن هذا وحده لا يكفي إذا لم يصاحبه جهد قوي لدعم هذه الأجهزة الاستخبارية بقوة وإعادة النظر في سياستها الاستخبارية وترشيق هياكلها وتعزيز مهنيتها، والأهم حمايتها من سرطان السياسة التي تسعى بعض الكتل والأحزاب الى نقله اليها اختراقا لصفوفها، عندها فقط يمكن أن يحصل العراق على جهد استخباري يحد من فعل الإرهاب، ويجنب البلاد مزيداً من الخسائر
والآهات.