درسٌ في الإعلام

آراء 2021/01/26
...

  نجاح العلي

كما هو معروف ان مصر ولبنان هما من وضعا اللبنات الاولى للاعلام العربي، وهما ‏مدرستان اعلاميتان مازلنا نتعلم منهما حتى الان، قبل ايام نشرت مؤسسة "اليوم السابع" ‏الاعلامية خبرا حمل عنوان "اللبنانيون يتكالبون على المتاجر مع فرض حظر ‏التجوال" لكن هذا العنوان اثار امتعاض وغضب 
اللبنانيين،  ما دفع  وزيرة اعلام  لبنان ‏منال عبد الصمد الى بعث رسالة احتجاجية الى الحكومة المصرية عن هذا العنوان، ‏بدورها بادرت صحيفة اليوم السابع الى نشر اعتذار للبنانيين وقامت على الفور 
‏باستبدال كلمة "يتكالبون" الى "يتزاحمون".‏
غضب اللبنانيون من مفردة "تكالب" التي لديها معنى في الذاكرة اللبنانية بأنها تعني ‏صراع الكلاب، مع العلم ان التراث العربي مليء بمفردات التكني بالكلب عند مدح ‏الاخرين، كما قال الشاعر العربي البغدادي الفصيح علي بن الجهم عند مدحه للخليفة ‏العباسي المتوكل في مطلع قصيدته: "انت كالكلب في حفاظك للود.."‏
ما يهمنا هنا هو كيفية التعاطي مع هذا الامر في وسائل الاعلام لكلا البلدين فلبنان ‏بادر بالطرق الدبلوماسية بالطلب بتصحيح الخطأ، وفعلا تم ذلك بسرعة مع نشر اعتذار ‏رغم ان وسائل اعلام مصرية علقت على الامر بان مفردة "تكالب" تستخدم بكثرة في ‏خطابها الاعلامي، ولا تحمل معاني سلبية، كما يحصل في وسائل الاعلام اللبنانية، لكن ‏لكل بلد خصوصيته، وهناك عدد من المفردات حمالة اوجه في معانيها ‏واستخداماتها، 
فعلى سبيل المثال لا الحصر مفردة "عصابة" معناها اللغوي انها ‏جماعة من الناس، ولا تحمل معنى سلبيا، 
واشتقت منها "عصبة الامم" لكن في المعنى ‏الشائع اعلاميا وشعبيا عندما نقول عصابة يتبادر الى الذهن "مجموعة من الاشرار ‏والسراق"، فالاعلامي يفترض به ان يكون على علم باللغة العربية ومفرداتها واصطلاحاتها ‏ومعانيها، 
منعا من الوقوع في الخطأ والحرج والابتعاد قدر الامكان عن المفردات ‏حمالة الاوجه والغامضة، 
واستخدام لغة بسيطة وسهلة وواضحة تصل الى القارئ ‏بسلاسة لتصل المضامين الاعلامية الى الجمهور لإحداث التأثير المطلوب، وهذا ما ‏تبغيه كل وسائل الاعلام في جميع انحاء العالم على اختلاف لغاتها 
وثقافاتها.‏