صحة المجتمع بحاجة الى مدنٍٍِ طبيّة جديدةٍ

آراء 2021/01/27
...

   باسم محمد حبيب

 
 
ستة عقود مرت على بناء مدينة الطب في بغداد في عهد رئيس الوزراء العراقي الأول في العهد الجمهوري عبد الكريم قاسم، فكان بناؤها نقطة تحول كبيرة في تقديم الخدمات الطبية للمواطنينن الذين كانوا يعانون كثيرا من نقص المشافي التي كان عددها قليلا في بغداد، لكن ذلك الحدث المهم وضع الأمور في مسار آخر، فكانت مدينة الطب أول مشفى من نوعها في العراق تتسم بالضخامة والتنوع في التخصصات الطبية، وكان دورها كبيرا في تقديم الخدمات التي يحتاجها المواطنون كما كانت معلما بارزا من معالم بغداد وصرحا مهما من صروحها .
لكن بالزيادة الكبيرة في سكان العراق، لم تعد مدينة الطب كافية لاستقبال المرضى أو علاج الحالات الصعبة، خصوصا وهي تقع في وسط العراق، حيث يواجه المرضى القادمون من المحافظات الجنوبية والشمالية صعوبة كبيرة في الوصول إليها، لاسيما مع معاناتهم المرضية التي تتطلب مشافي قريبة لإسعافهم أو متابعة حالتهم .
هناك ضرورة لبناء مدينتي طب أخريين على غرار مدينة الطب في بغداد، إحداهما في الموصل والأخرى في البصرة، إذ تعد هاتان المحافظتان الأكبر بين المحافظات العراقية بعد بغداد في عدد السكان، فضلا عن أنهما كانا مركزا لولايتين كبيرتين في العصر العثماني وتشرفان على مناطق واسعة في أقليمهما الجغرافي، وهذا ما هو عليه الحال الآن أيضا، إذ تعد مدينة الموصل ليس أكبر المحافظات في شمال العراق وحسب بل والأكثر سكانا والأهم موقعا، ما يجعلها مؤهلة لوجود مثل هذا المرفق المهم، وهذا ما يصح أيضا على محافظة البصرة التي تشكل بمساحتها الواسعة وسكانها الأكثر من بين المحافظات الجنوبية الأخرى مركز الثقل في هذه المنطقة، لاسيما مع أهميتها الاقتصادية الكبيرة، كونها المحافظة التي تأتي معظم إيرادات الخزينة العراقية منها.
إن أهمية بناء هذين المرفقين تتعدى مجرد الحاجة لهما إلى ضرورة ذلك لإبراز وجه مختلف عن الوجه الذين آلفه المواطن العراقي من الحكومات العراقية السابقة، وهو فقر تلك الحكومات للمنجز المهم الذي يسجل لها، فليس هناك من يبقى في ذاكرة الإنسان وفي التاريخ الذين تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل غير المنجزات الشاخصة والظاهرة، وليس هناك ما هو أكثر بقاء في الذاكرة وفي صفحات التاريخ من البناء والإعمار وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها الإنسان، وعلى رأسها الخدمات الطبية، وليس أدل ذلك من بقاء منجز بناء مدينة الطب في الذاكرة الشعبية العراقية، على الرغم من وجود منجزات أخرى قد تفوقه ضخامة وكلفة.
لذا أدعو الحكومة العراقية إلى تبني هذا الأمر وعده من الأمور المهمة والضرورية، فليس هناك في نظر المواطن البسيط ما هو أهم من توفير الخدمات التي يحتاجها لتمشية حياته وأهمها بالتأكيد الخدمات الصحية .