المنطقة وخيارات الأزمة

آراء 2021/01/27
...

  علي حسن الفواز
يبدو أن الحديث عن الحرب – عند البعض- وكأنه حديثٌ عن طبخة اليوم، فالأمر سهلٌ جدا، وكل مفردات الطبخة، وحتى مزاجها جاهزان، ولا يحتاجان سوى اشعال النار لتمتزج وتحترق الاشياء، من دون حساب من سيأكلها ومن سيطبخها، وحتى من سيتفرج عليها سيحصل على حصته من اللهب والشواء.
بالأمس تحدث رئيس أركان حرب اسرائيل « افيف كوخافي عن ملفات الحرب والسلام والسلاح النووي والمقاومة في المنطقة، بنوع من التعالي والغطرسة وكأنه فعلا يشبه «الطبخ الشاطر» الذي يريد أن يضع كلّ التفاصيل تحت سلطته المطبخية، وأن يهدد من يشاء، وأن يمارس «حريته» في إشعال الحرائق في كل الأمكنة التي تختارها، بعيدا عن المجتمع الدولي والدبلوماسية واللياقة والسيادة والحقوق العامة والخاصة.
كلام «الجنرال» يعكس أزمة حقيقية، لاسيما بعد انتخاب الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن، مثلما يعكس ازمة حاجة للأمن الداخلي الذي تحتاجه اسرائيل، حيث تعيش ازمات اقتصادية وسياسية وأمنا اقليميا، فضلا عن حاجتها لتقعيد تحالفاتها الجديدة في المنطقة على اساس من «الواقعية الفائقة» وترويض القوى المعارضة والمترددة للقبول بالتطبيع، ومن ثمّ ايجاد «شرق اوسط جديد» يقبل بالوجود الاسرائيلي من جانب، ويحكم الطوق على ايران وعلى جماعات المقاومة من جانب آخر.
السؤال الأكثر اثارة في هذا المجال يتعلق بالكيفية التي تعطي للخيار الاسرائيلي هامشا للتصرف العسكري، وهل سيتم ذلك بموافقة الادارة الأميركية الجديدة؟ وما هو خيار دول التطبيع في ذلك؟ وهل هناك تصور واضح عن التداعيات العسكرية والأمنية والاقتصادية على المنطقة وعلى دولها؟
أحسب أن هذه الاسئلة هي العتبة التي يجب معاينتها بوضوح، ليس لأنها اسئلة واقعية جدا، بقدر ما أنها اسئلة تكشف عما هو عميق في تلك الأزمة، وعن الرهانات المعقدة، وعن طبيعة ما تحمله الادارة الأميركية الجديدة من مقاربات واقعية، لأزمات تركها الرئيس السابق ترامب مفتوحة، ومهيجة، وهذا ما بدا جليا في حديث الجنرال الإسرئيلي عبر خطابه الانفعالي، وعبر تهديده المفتوح، وعبر قلقه من احتمالات قد لا تكفي القوة لمنع حدوثها، وعبر ما كشفه عن أسرار تتعلق بأعمال «إرهابية» قامت بها اسرائيل في هذا البلد او ذاك.