الإصلاح ولغة الحوار

آراء 2021/01/29
...

 وجدان عبدالعزيز 
هل تكون اللغة وسيلة للتواصل والتعبير عما يدور بداخل الذات، ام هي اداة كشف وايضا اداة اخفاء؟، هذا التساؤل يجعلنا نقول: إن الأحداث تأخذ دلالتها في سياقها العام، وإن الكلام ليس بالضرورة يفهم كما يقال، وأن هناك قراءات وتأويلات قد تحمله فوق طاقته، 
 فالحقيقة مؤلمة، لكن الحديث عنها بشكل مختلف، قد يخفف الألم الذي تتركه على صفحات انفسنا، فكم من إنسان دمرته لغة الآخر، وكم من علاقات إنسانية إيجابية انتهت بسوء استعمالنا وانتقائنا لألفاظنا، وكأنها هي ما يحدد هذه العلاقات، يجلس الإنسان بعد كلمة جارحة توقظ عنده كل الأحاسيس المدمرة، لتستدعي كل المواقف السلبية، ثم يتم ربطها ببعضها بالقلم المتألم نفسه، فتقع الذات في ظلم لنفسها ولغيرها، بعدما تركت آثارها على شكل ندب في الدماغ، إنها الجروح التي لن تشفى، وسيبقى الزمن يضمد جراحها إلى حين، ويظل السؤال هل لغة الاخفاء في العلاقات الانسانية ضرورية؟ ام يجب علينا الكشف، كي نصل الى عملية التفاهم، أعتقد يجب ان يصاحب اللغة الحوارية الوعي القصدي، اي نبلور المعنى القصدي، الذي يحافظ على كينونة المتكلم، وفي الوقت نفسه يحترم كينونة المتلقي، ومن ثم خلق عقل تحليلي يأخذ بزمام الأمور، وأن يرى الأحداث بالأخذ والرد وبالرأي والرأي المضاد، وأن يتناولها بالكثير من التريث والاستباقات للأوضاع!.
 فمهما غربنا وشرقنا وصعدنا الى الكواكب الاخرى، واكتشفنا مجاهل الكون، لا بدّ لنا ان نفتح مغاليق لغة الحوار بيننا، فهي الوحيدة والكفيلة التي تجعلنا نتمتع بجمالية الحياة وسعادتها، فالمجتمع والطبيعة، وكلّ الكائنات الحية الأخرى، محكومة بقوانينها الخاصة؛ ومن قوانين الانسان والانسان، ما يقع ضمن مجالات الحوار وتبادل اطراف الحديث بالإقناع او من دونه. هذا ليس جديداً على النظام البشري المجتمعي عموماً منذ عصر افلاطون، وربما قبله ايضاً الى يومنا هذا، إنطلاقاً من أي واقع الى ما تفرزه من ثمرات مساعيها، وهي – بالتأكيد – لا تطمح لسوءٍ، أو شرٍّ، ونظراً للتعقيدات الكثيرة التي تصاحب مفهوم “ الجدلية “ خاصة، حسب آراء الفلاسفة واتباعهم، أو من يعارضهم، نقف ببطء وهدوء عند مفهوم (الجدل المقنع) لفهم الإصلاح بشكله العام من دون كلّ المتناقضات وإشكالياتها، ونحدد هذا الفهم– بشكل مختصر– بما نحتاجه نحن البشر، لأننا نعيش على هذه الارض التي ليس لنا سواها، ولا بد من تسخير خيراتها لمنفعتنا جميعاً، اي البشرية بكل اطيافها بعيداً عن الافكار المتصارعة، بكل عناوينها وفق المنطق الملتزم غير المتزمت، تحت أسس العلم، وعقلانية طبيعة الحياة ومتغيراتها.