صالح لفتة
في أكثر التجارب الديمقراطية التي سبقتنا هناك قطبان أساسيان في المشهد السياسي: موالاة يشكلون الحكومة ويتحملون المسؤولية ويرسمون سياسة الدولة طيلة مدة الحكم، ومعارضة وظيفتها مراقبة البرنامج الحكومي، وكشف الاخطاء امام الرأي العام وتنتظر الانتخابات للفوز بتشكيل الحكومة وقيادة البلد.
في العراق ظروف تشكيل العملية السياسية فرضت واقعا سياسيا توافقيا في حال استمراره لن تنجح التجربة الديمقراطية، وسيكون عقبة في تطور العمل السياسي وتضيع الدولة في النهاية شئنا أم أبينا، لأنه منهج مغلوط من الأساس. عندما تشارك في الحكومة بوزراء ودرجات خاصة عليك أن تتحمل مسؤولية ما يجري من إخفاقات مثل ما على المواطن أن يذكر النجاحات، فأغلب الكتل واقعاً مشتركة بالحكومة لكن تصريحاتهم تحاول إثبات العكس وتسويق نفسها كمعارضة. في الانتخابات المقبلة يجب ان يعلو صوت الشعب مطالباً بمعارضة حقيقية تكشف عن زلات وإخفاقات الحكومة، معارضة ناضجة وبناءة وتقويمية لعمل الحكومة ومؤسساتها، معارضة تمتلك خططا بديلة لتغيير الواقع وتحسين حياة الناس للأفضل ومعالجة مشكلات الوطن وتحقيق أهداف المجتمعن عند تسلمها مقاليد الحكم لا فقط معارضة لأجل المعارضة أو طمع بالامتيازات. فالمعارضة التي شاعت في العراق متذبذبة تجمع النقيضين قدم في الحكومة وقدم خارجها، معارضة لا ترقى أن تسمى معارضة بما تحمل الكلمة من معنى، وهناك من يعارض لمصلحته الشخصية او لمصلحة فئة معينة من الشعب وعندما يحصل على ما يريد فإن مواقفه تتبدل،
بعض من يعارض للأسف يفهم المعارضة بشكل مغلوط، فعندما تؤمن بالمعارضة عليك أن تحترم القوانين وتعارض الأشخاص ونهجهم وليس المؤسسة التي تمثل الجميع. ليس من حقك كمعارض أن تسب الدستور الذي صوت له أغلب العراقيين وتتشدق بأنك حر، ليس من المعقول أن تسب الدولة ورموزها وتدعي الوطنية، كما لا يمكن ان تُهين البرلمان اعلى مؤسسة تشريعية او تظهر بالإعلام موجهاً سهامك للجميع وترمي التهم جزافاً، وعندما تطالب بالدليل تسكت فهذا ليس من المعارضة في شيء، عندما تعارض يجب ان تقبل الرأي الآخر المختلف حتى لو كان ذلك مغايرا لتوجهاتك، وألا تصل الى حد الصِدام المسلح او التهديد بالتصفية والالغاء، فهذا ليس معارضة انما حرب.
دون وجود معارضة وطنية همها الاول العراق لن يكتب لعمل الحكومة النجاح، ولن تنشط بتقديم الخدمات ولن يكون هناك من يتحمل المسؤولية أمام الشعب في حال الفشل .