عبد الحليم الرهيمي
نشرت وسائل الأعلام المحلية الصينية ثم العالمية مؤخرا فيديو يظهر فيه صورة لمدير احدى الشركات الصينية الكبرى، وهو يساق الى الاعدام بجريمة رشوة مقدارها 93 مليون دولار اميركي، وقد عمدت السلطات الصينية الى نشر هذا الفيديو للمدان الى التشهير به كجزء مؤلم من القصاص بالإعدام.
وبعد يومين من ذلك أعلنت الجهات المعنية اللبنانية ان السلطات المختصة قررت احالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على السجن للتحقيق معه ايذاناً لمحاكمته والاقتصاص منه بتهمة خيانه ائتمانه على أموال المصرف واختلاس أموال المودعين وأموال الدولة.
وقد جاء اعتقال سلامة وايداعه السجن بعد هتافات عارمة للمتظاهرين اللبنانيين، الذين طالبوا باعتقاله ومحاسبته على سرقه اموالهم المودعة في المصرف، وكذلك جاء بعد نحو عشرة ايام من استدعائه من قبل جهات مصرفية سويسرية الى جنيف للتحقيق معه باختلاس اموال وذلك في الاول من كانون الثاني الحالي .
اعدام المدان الصيني المرتشي وسجن المتهم حاكم مصرف لبنان بالاختلاس وخيانه امانته لأهم المصارف اللبنانيه، انما يشير الى حرص الدولتين على القيام بمحاربة جدية وعملية للفساد والفاسدين عندهم، مثلما سبق ذلك قبل اشهر بمحاكمة وسجن رئيسة كوريا الجنوبية وكذلك صدور احكام قاسية بحق عدد كبير من حيتان الفساد من كبار المسؤولين الجزائريين، الذين شغلوا بعهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقه مناصب عليا: رؤساء وزراء ووزراء و مسؤولون كبار آخرون.
ومهما تكن طبيعة الأحكام التي صدرت بحق المتهمين بالفساد والرشى وسرقة المال العام واموال مواطنيهم في تلك الدول، فهي تنطوي على عبر ودروس مهمة وذات دلالات لنا في العراق ولكل البلدان التي يستشري فيها الفساد.
واذا كانت اكثرية العراقيين لا تريد الانتقام و الثأر من الفاسدين، فإنها تريد- من دون شك- محاسبتهم واقتصاص القضاء منهم وتنفيذ الاحكام العادلة بحقهم واستعادة ما سرقوا من الاموال، والاقتصاص دعوة ربانية، دعا اليها الله سبحانه في قرآنه الكريم التي وردت في الاية 179 من سورة البقرة:(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) بما يعنيه ذلك بأن حياة الناس لا يضمنها الا القصاص من دون العفو او الدّية، ولا كل شيء من عداه، كما فسرها العديد من الفقهاء، فمتى يُلاحق الحيتان وحرش الفاسدين عندنا ويتم القصاص منهم وفق شرائع السماء والارض؟.