الحماية القانونية للمياه من التلوث

آراء 2021/02/03
...

  القاضي: كاظم عبد جاسم الزيدي 

 يعد الماء من الثروات الطبيعية المهمة وهو من أعظم النعم التي انعم الله سبحانه وتعالى على عباده، فهو مورد حيوي لأشكال الحياة كافة، حيث لا غنى عنه لجميع الكائنات الحية ويمثل شريان الحياة والتطور والتنمية لأي دولة من دول العالم، لهذا فقد بدأت الدول باتخاذ خطوات عملية للمحافظة على الموارد المائية، الا أن هذا المورد الطبيعي قد يتعرض الى خطر كبير بوجود التلوث، 

والذي يؤثر في صلاحية الماء ويجعله غير مناسب للاستعمال، وتتعدد مصادر تلوث المياه وتحتل مشكلة تلوث المياه اهمية كبيرة بين المشكلات البيئيةن التي تواجه العالم وإن مسألة تحديد فكرة التلوث تعد من المسائل المهمة، وقد عالج المشرّع العراقي مسألة تلوث المياه في اكثر من قانون، حيث عرّف قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم ( 3) لسنة 1997 المعدل تلوث البيئة بأنه وجود الملوثات المؤثرة في البيئة بكمية او تركيز او صفة غير طبيعية، تؤدي بطريقة مباشرة او غير مباشرة الى الاضرار بالإنسان او الكائنات الحية، وتتعدد مصادر تلوث المياه الى فضلات المجاري المنزلية وفضلات الصناعة وفضلات العملية الزراعية والتلوث الحراري و التلوث بالنفط والتلوث بالمكروبات والامطار الحامضية والتلوث الاشعاعي والتلوث المحلي.
 وفي بداية تأسيس الدولة العراقية صدر اول تشريع ينظم حماية الموارد المائية عرف باسم (نظام المكاره لتنظيف الشوارع ونقل الأزبال وإزالة المكاره ومنع تلوث الانهار)، ومن خلال نصوص مواد هذا القانون نرى أنه قد عالج استخدام المياه العامة ومياه الشرب، فضلا عن انه عالج بعض المشكلات الناجمة عن تلوث المياه ودرء بعاض الاثار السلبية لاستخدامات المياه، ثم صدر بعد ذلك قانون الري العراقي رقم ( 6) لسنة 1962و في عام 1997 صدر قانون حماية وتحسين البيئة وقد منع القانون في المادة ( 19) منه على تصريف اية مخلفات صناعية او زراعية او منزلية او خدمية الى الانهار او المسطحات المائية او المياه الجوفية او الهواء او الارض، الا بعد اجراء المعالجات اللازمة عليها وكذلك منع تصريف المخلفات النفطية او بقايا الوقود الى المياه ومنع رمي النفايات، ومن ثم صدر قانون حماية وتحسين البيئة العراقي رقم (27 ) لسنة 2009 وشدد العقوبة على المخالفين، حيث يعاقب المخالف لأحكام هذا القانون، بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر وبغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على عشرين مليون دينار، ونص قانون الري العراقي رقم 83 لسنة 2018 في المادة (13)، على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار، كل من قام بتلويث المياه او التأثير فيها كما او نوعا، بحيث تكون غير صالحة لما هو مقرر لها.
 كما تضمنت بعض التشريعات القانونية على نصوص قانونية لها علاقة بحماية المياه من التلوث ومنها قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 لمسألة مياه الشرب، نظرا الى اهمية المياه والدور الكبير الذي تؤديه المياه الملوثة، كما حرص المشرع العراقي على توفير الحماية الجزائية حيث نصت المادة 368 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل على: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من ارتكب عمدا فعلا من شانه نشر مرض خطير مضر بحياة الافراد (كما نصت المادة (496/ ثانيا) من قانون العقوبات على: (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة من ألقى في نهر او ترعة او بزل او أي مجرى من مجاري المياه جثة حيوان او مواد قذرة او ضارة بالصحة او تركها مكشوفة، من دون ان يتخذ الاجراءات الوقائية لطمرها او حرقها). 
 من الضروري تشريع قوانين خاصة بحماية المياه من التلوث و ضرورة قيام الدولة بانشاء وحدات لمعالجة الصرف الصحي، توجب على الجميع حماية المياه من التلوث، ومع ان الماء حق لكل انسان، الا أن هذا الحق يقابله التزام يرسم حدوده، حيث ان لكل انسان الحق في الحصول على مياه نقية، وان عليه التزاما بحماية هذا الحق، وفي الحقيقة ان هذا الحق من الحقوق الدستورية والقانونية، الا انه يجب على الجميع التعاون في حماية المياه من التلوث، وهو لا يعد مسؤولية الدولة وانما هي مسؤولية مشتركة في الحفاظ على الموارد المائية، ومن اجل توفير الحماية القانونية اللازمة لمنع المياه من التلوث، لا بدّ من وجود مؤسسات متخصصة في الدولة، تقوم بهذا الامر كما تتطلب إعادة النظر في التشريعات القانونية المتعلقة بحماية المياه من التلوث وتحديد فكرة التلوث، لكونها مفتاح حماية الموارد المائية.