التمويل الانتخابي

آراء 2021/02/05
...

 حسين رشيد
 
 
في الحكومات السابقة، تغانمت الكتل والأحزاب السياسيَّة المتنفذة بالسلطة الوزارات والمؤسسات التي تتمتع بواردات ماليَّة وفيرة إنْ كان عبر ما يصدر من ثروات طبيعيَّة أو ما يستحصل من أموال لقاء خدمات متواضعة صحيَّة كانت أو تعليميَّة أو عبر استحصال رسوم معاملات أو غرامات وما شابه ذلك.
بعض تلك الوزارات والمؤسسات باتت (ملكية) لحزب أو تيار معين لما فيها من (انعام) وفيرة توفر لهم سيولة مالية كبيرة، ووفرة في التعيينات والتي تكون حصرية، على أبناء أو أعضاء الجهة الماسكة للوزارة.
تلك المغانم تتح للجهة الماسكة للوزارة الاستحواذ على نسبة من تلك الواردات أو الدخول في المناقصات والعقود والمشاريع الاستثمارية الخاصة بتلك الوزارة او المؤسسة، وإيجاد عائدات مالية كبيرة توفر مساحة واسعة لعمل تلك الجهة في الساحة السياسيَّة وبوجه الخصوص في السباق الانتخابي البرلماني والذي لم تخل دورة انتخابية من استخدام ذلك المال في الترويج والاعلان وكسب الاصوات وشراء الذمم. 
في الانتخابات السابقة، عول أغلبنا على أنها ستكون نقطة تحول في المسار السياسي العراقي، لكن ذلك التعويل تبدى كما الماء، وحتى الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في تشرين الاول المقبل والتي ستقام وسط التذمر الشعبي من الوضع السياسي والاقتصادي ربما تغير المسار درجات عدة، لكنه ليس الطموح المراد، وهذا ما يعني بقاء البلاد أربع سنين أخرى تحت سطوة المحسوبية والمحاصصة والفشل الاقتصادي والتخبط السياسي في إدارة شؤون البلاد، أربع سنوات ستعمل بها الطبقة السياسية على تسيير البلاد وفق قوانين الاستثمار والخصخصة ونهب المال العام ومعاودة لعبة تدوير الشخصيات السياسيَّة، وتأسيس احزاب وحركات جديدة تدعي الاستقلالية وتمثيل المتظاهرين، تمول من المال المستحوذ عليه من المؤسسات الحكومية والجهات المنتجة. قد يكون هذ المال الأسود من أساسيات الفوز بالانتخابات وكسب أصوات الناس البسطاء، ممن تعمّدوا تغييب الوعي عنهم او ممنن انشغلوا بتوفير لقمة العيش لأسرهم ومحاولة الهروب من قاع الفقر والعوز، ومثل هؤلاء لا يأبهون لأي انتخابات. بهذا المال ستنطلق حملات انتخابية وترويجية قل نظيرها في دول العالم، فضلاً عن الوعود التي ستقطع والتعهدات من المرشحين والكتل السياسية التي ستبحث عن وعود وتعهدات جديدة بعد خلو الموازنة العامة من التعيينات، وارتفاع درجة الوعي الشعبي والمجتمعي والوقوف ضد أي محاولة لاعادة النعرات الطائفية والقومية لأجل حصد الأصوات الانتخابيَّة.