موقع للتواصل أم لإنتاج الموت؟

آراء 2021/02/06
...

 رياض الغريب

"تيك توك" موقع للتواصل الاجتماعي وصناعة الفيديوات القصيرة يتسبب بموت طفلة في العاشرة من عمرها في ايطاليا بعد مشاركتها بتحدٍ، يهدف الى غياب الوعي لبضع ثوانٍ، اما الشاب حمزة نافيد (18 عاما) قتل دهسا بقطار في باكستان، خلال تصويره مقطعا بكاميرا صديقه وهو يتمشى على سكك حديد، بهدف نشر التسجيل عبر تطبيق "تيك توك"الذي اسس في الصين عام 2016 التي أبدت العديد من الدول مخاوف بشأن محتوى "تيك توك" الذي يُعتقد أنه فاحش وغير أخلاقي ومبتذل ومشجع على المواد الأباحية.

منذ ان اصبحت تلك الوسائل هي المهيمنة على المشهد العالمي أخذت تشكل منظومتها الجديدة، التي استباحت كل الثوابت وربما كل ما أنتجته الانسانية عبر امتداتها، وفي أحيان كثيرة اصبحت منتجة لأفكار جديدة تدعو للموت والانتحار، خاصة لإعمار يمكن التلاعب بعقولها واستغلت تلك المواقع من قبل اصحاب الافكار المتطرفة، لتجند الاطفال في لعبة الصراع الطائفي والانقسامات العرقية والمناطقية و "داعش" أنموذجا لذلك وايضا للانتحار، بعيدا عن رقابة الاسرة بحجة الحصول على اكبر عدد من المتابعين والمشاهدين.
إنَّ التغيير الحاصل في نمط الحياة لا يعني فقدان الرقابة على الاجيال، التي تخضع بشكل هستيري لهذه المواقع وعدم دراسة النمط الجديد والقدرة على انتاج افكار مغايرة تعيد لهذه الاجيال ثقتها بنفسها والبحث عن مخارج صالحة لحياتها الآن وفي القادم من الايام. ان الانشغال بتسارع ايقاع الحياة لا يعني فقدان القدرة على تنمية العقول التي تنجرف وبشكل مرعب ومخيف باتجاه تلك المواقع
ونحن نتابع ماينشر نجد ان الكثير منها وخاصة على موقع "تيك توك" لا يمثل شكل الحياة التي يحلم بها الناس على اختلاف اشكالهم والوانهم او المكان، الذي يعيشون به واحيانا لا يمثل ثقافة هذا الشعب او ذاك ان الخروج عن القيم الحقيقية للمجتمعات دفع الكثير من الدول تتخذ مواقف من هذا الموقع او ذاك، حفاظا على مجتمعاتها من الانجرار وراء الكم الهائل من الافكار التي تبثها تلك المواقع، تترك اثارا سلبية على تلك المجتمعات، وصل الحد لحجبها وعدم السماح بتداولها.
ان الاموال الطائلة التي تجنيها تلك المواقع واصحابها تدفعها الى نسيان وتجاهل الضوابط التي تضعها للاستخدام، وهذا التجاهل أباح للكثير من المستخدمين نشر ما يرغبون، من دون رقابة لهذا نجد ان الموت وخياراته وطرقه والتفنن به اصبح سائدا، من دون حجب او ايقاف وهذه ثقافة جديدة اصبح الكثير يؤمن بها ويمارسها من دون تردد 
والسؤال الذي علينا الاجابة عليه ماهو دور مؤسسات الدولة العراقية المعنية بالامر، ونعتقد أن لا إجابة كون تلك المؤسسات على ما يبدو غير معنية بالامر ولاتفكر به, لقد أثارعدد من الصحفيين في العديد من البلدان مخاوف تتعلق بالخصوصية بشأن التطبيق، لأنه يحظى بشعبية لدى الأطفال ولديه إمكانية استخدامه من قبل المحتالين الجنسيين. 
حيث أبلغ العديد من المستخدمين عن حدوث تنمر إلكتروني على تيك توك، بما في ذلك العنصرية والتمييز، ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، كل هذا يراقبه الصحفيون والدول، ونحن بلا رقابة او مناقشة للامر على مستوى الصحافة او على مستوى الحكومة, ان خطورة مواقع التواصل الاجتماعي حقيقة وعلى الجميع الانتباه لهذه الخطورة، واكبر تهديد يهدد المجتمع العراقي ومنظومته الاجتماعية، هي الافكار المتطرفة والاشكالية التي تحدثها تلك الافكار في التأثير على البنية الاساسية لروحية هذا المجتمع، والدليل واضح في العدد الكبير من الانتحاريين الشباب، وهؤلاء هم عراقيون وليس كما تزعم بعض الجهات انهم من خارج البلد، نحتاج لعقول وخبرات تستطيع ان تراقب وتحجب وتتابع كل ما ينشر من أفكار متطرفة وماينتج من افلام على مواقع التواصل، ومنها "تيك توك" وتحليلها ودراستها ومدى تأثيرها في المجتمع العراقي.