د . صادق كاظم
للثامن من شباط ذكريات مريرة وسيئة في الذاكرة العراقية، فهو قد ارتبط بيوم سقوط حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم نتيجة لتحالف بعثي – اميركي بريطاني، باسناد من مصر و عدة دول عربية اخرى، كانت تجد في الحكم الوطني لثورة الرابع عشر من تموز خطرا عليها وعلى مصالحها في المنطقة .
لقد تذرع الانقلابيون بان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم لم يكن من دعاة الوحدة والانضمام الى المشاريع الوحدوية في المنطقة، وانه فصل العراق عن محيطه العربي وسمح بصعود تيارات سياسية اخرى على حساب التيار القومي، الذي كان مناوئا ومعارضا لنظام قاسم وداعما لمطلب المشاريع القومية في المنطقة وهو ادعاء مزيف وكان بمثابة قميص عثمان اخر، كان الهدف منه تبرير الانقلاب وتسويقه اقليميا وعالميا، اذ ان القوميين انفسهم تخلوا عن هذا الشعار وتراجعوا عنه ولم يحققوا اي مشروع وحدوي ولو كان بسيطا، فضلا عن انهم اسسوا لنظام حكم عشائري ومناطقي ضيق كان الهدف منه الاستحواذ على السلطة واقامة نظام حكم دكتاتوري ووراثي يقوم على القهر والقوة والاستبداد .
لقد كان افتتاح قصر النهاية كسجن مرعب واحدا من انجازات نظام 8 شباط، حيث تم الزج فيه بآلاف المعتقلين من خصوم الانقلاب، والذين تعرضوا لاعمال تعذيب وقتل وحشية وبطرق مروعة وباعتراف رموز الانقلاب انفسهم وعن طريق المذكرات السياسية، التي كتبوها لاحقا والتي عكست الطابع الهمجي والدموي لهذا النظام، الذي كان صنيعة اجهزة الاستخبارات الغربية، التي استعادت نفوذها في العراق من جديد بعد ان تراجع هذا النفوذ وتقلص تاثيره بعد ثورة تموز من العام 1958 .
لقد قام نظام الانقلابيين بتاسيس ميليشيات الحرس القومي، التي ارتكبت العديد من جرائم القتل والارهاب والترويع بحق العديد من المواطنين العراقيين الأبرياء، حيث قتل الالاف على يد هذه الميليشيات الاجرامية التي لم تكن تكف عن مواصلة جرائمها وانتهاكاتها، حيث تحولت مقراتها الى مراكز للتعذيب والقتل ومطاردة المواطنين .
ان انقلاب الثامن من شباط يبقى بكل فظائعه وجرائمه يوما اسود في الذاكرة العراقية واغتيالا للوطن وشعبه وبجرائم رموزه وقادته، الذين لم يكن هدفهم من الانقلاب سوى السيطرة على السلطة ونهب ثروات العراق وجعلها رهينة بيد دول الغرب والمنطقة .