8 شباط بداية الفوضى

آراء 2021/02/08
...

 حسين علي الحمداني
 
 
لم نكن نحتاج لدراسات تأريخية تفسر لنا ما جرى في الثامن من شباط 1963، فإن الأحداث التي تلتها أكدت للجميع أن هذا اليوم أدخل العراق في نفق الدم الذي جر على العراق ويلات كثيرة ما زالت تداعياتها موجودة في المشهد العراقي سواء عبر طرح نماذج حكم فردية من جهة، واستخدام العنف بكل أنواعه كوسيلة للوصول إلى السلطة من جهة ثانية.ومن جهة ثالثة منحت للفوضويين مشروعية التحكم في مقدرات العراق والتلاعب بمصير الشعب العراقي.
لهذا نجد أن ما حدث في الثامن من شباط 1963 هو بداية لحقبة لم يكن العراق يحتاجها بقدر ما إنه كان بحاجة لتجاوزها، من أجل استمرار المشروع النهضوي، الذي بدأ في عهد الجمهورية والنهضة الكبيرة في البنى التحتية والإستقرار السياسي والاقتصادي، وإبعاد العراق عن سياسة المحاور الدولية، التي كانت تجعل العراق من أولوياتها في ذلك الوقت.
وعندما نلقي نظرة على إنجازات ما قبل الثامن من شباط، نجدها قد غطت مساحة واسعة من العراق سواء عبر بناء المدارس والمستشفيات والطرق والجسور أو من خلال عدد كبير من التشريعات، التي صدرت في ذلك الوقت وكانت غايتها خدمة المجتمع وتحقيق العدالة
 المطلوبة.
وبالتالي فإن ما جرى في ذلك اليوم كان لا يستهدف الزعيم عبد الكريم قاسم كرمز سياسي فقط بقدر ما إنه كان هدفه الأول والأخير استهداف الشعب العراقي، الذي بدأ يشعر بإن ثروات العراق تستثمر بالشكل الصحيح
 والطبيعي .
من هنا نجد أن 8 شباط لحظة التأسيس لمشروع الفوضى والقمع وتكميم الأفواه في العراق وإن هذه التجربة التي بدأت في ذلك اليوم الأسود، أسست لظاهرة ظلت تحكم المشهد العراقي لأكثر من نصف قرن، سواء بشكل مؤسساتي عبر المؤسسات القمعية التي تأسست بعد ذلك التاريخ وظلت موجودة لعقود طويلة، أو بشكل فردي بحكم إن الفرد العراقي بصورة خاصة يتأثر بالظواهر السائدة وتنعكس على تصرفاته داخل أسرته أو محيط عمله بشكل كبير جدا.
لذا نجد من الضروري جدا ونحن نستذكر هذا اليوم أن نؤسس لبناء دولة ديمقراطية ومجتمع متجانس ومتسامح، وإن صناديق الاقتراع هي البوابة الوحيدة للوصول للسلطة وإن مرحلة الفوضى لا يمكن لها أن تبني دولة.