إحذر أمامك متسول!

آراء 2021/02/08
...

 رعد أطياف
لا أعرف إن كانت أعداد المتسولين في العاصمة بغداد تتفوق على مثيلاتها في العواصم العربية.
لكن ما أعرفه ثمة «جيش جرّار» يتوزع في كل مناطق العاصمة ويشكل ظاهرة اجتماعية، تثير العديد من الشجون والاستفهامات، ليس هذا فحسب بل أضحت هذه الظاهرة في عداد المألوف، وتكمن خطورة هذا الحال، أن المألوف يغدو بمرور الزمن جزءا من الهوية الاجتماعية، فيتحول من ظاهرة شاذّة إلى ثقافة معاشة، والدليل على ذلك، إنك تشاهد عشرات المتسولين في شوارع بغداد، من دون أن يشكّل لديك أدنى فارق.
ولم تعد اليوم هذه الظاهرة تشكل اهتماما يذكر؛ فأعداد الفتيان والفتيات في تزايد مستمر، ومعظم هؤلاء يندرجون تحت فئة الست سنوات فما
فوق.
على اي حال، لقد أصبح الأمر عاديا للغاية، لدرجة إنك في كل مكان ستجد هذه الوجوه المُتعبة تصرخ بوجهك «من مال الله».
لكن أزعم أن معظم المحتاجين  تستهويهم ظاهرة التسول!. فبمرور الزمن ربما يتم القبول الاجتماعي بهذه الظاهرة باعتبارها «حرفة» يزاولها الكسالى للكسب السريع. 
لا يعني هذا وضع الكل في سلّة واحدة، فمن دون ادنى شك ثمّة أناس أعياهم الفقر وأنهكتهم الحاجة.
أما الأعم الأغلب فقد يبدو عليهم شيء آخر ما وراء الحاجة، كما لو أنها حالة ادمانية يجري فيها استغفال الناس واستثارة عواطفهم. 
فطيبة القلب التي يشتهر فيها العراقيون تدفعهم لبذل العطاء أيّاً كان نوع السائل وغاياته وأهدافه ومقدار حاجته.
ولمجرد ان يمد السائل يديه يسارع الطيبون بالعطاء من دون أي استفسار يُذكر، فآخر هموم الناس مساءلة المتسولين والتحقيق في شؤونهم العائلية.
يبقى هذا الاستنتاج في دائرة الاحتمال، فالأهم من ذلك كله شيوع هذه الظاهرة المشينة، والتي يترتب عليها مفاسد اجتماعية جمّة، وتحديات كبيرة تضاف إلى سجل التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يكابدها البلد.
ويبقى الحمل الأكبر والمسؤولية الرسمية تقع على عاتق الجهات المختصة، ولا ننتظر من الناس أن يتحولوا إلى باحثين اجتماعيين.
بل نناشد الجهات المختصة للعمل في رصد وتوثيق حالات التسول المنتشرة في كل مكان، فمن المشين للغاية ان تعثر على هذا العدد الكبير من المتسولين في بلاد النفط.