(ما أقوله للنحات) أرضية ملونة حاضنة للحظتها المشهدية

ثقافة 2021/02/10
...

 علوان السلمان
 
الفن: هو (احياء الحدث وتعميق معناه)على حد تعبير بابلو بيكاسو، والشعر هوية ومعرفة تتضافر في خلقه عوامل نفسية واجتماعية وانسانية، إنه انعكاس لوجدان منتج واع على مرآة بياضاته، باعتماد التكثيف التدويني المتجاوز الذي يمنح نصه انفعالات العاطفة وهواجسه التي تتجلى على امتداد المشهد الشعري.
 وباستجلاء عوالم المجموعة الشعرية (ما أقوله للنحات) لانمار مردان كونها تتميز بتنوع الاساليب التعبيرية النابضة بالدلالات المستفزة لجذوة المتلقي، فضلا عن توظيف الشاعر لطاقاته الابداعية للكشف عن خلجاته الذاتية، مع اهتمام بانتقاء الالفاظ الموحية والعبارة المكثفة مع سعة خيال وبعد فكري رؤيوي، ناتج عن ذات مبصرة واعية في تشكيل عباراتها المقترنة بجوهر الشعر، مع محاورته الآخر بنزعة تجريبية وتمظهرات تعزف على وتر حركات الجسد.ابتداء من العنوان النص الموازي الذي تناسخت مفرداته من المتن لتشكل علاقة بين المضمون والمعاني داخل النص تارة وتارة ترمز لتعبير تشكيلي له دلالة فاعلة ومؤثرة، بأيقونيته المتشكلة من علامات لغوية دالة، مقترنة بالعنونة الداخلية المثيرة للتساؤل والجدل، لتفردها بلغة موحية وعبارات مكثفة تضفي على النص جمالية باعثة للمتعة والمنفعة الفكرية والروحية.
فالنص يرتكز على حشد من المرموزات التي يوظفها الشاعر ويمنحها لمستهلكه، مؤسسا عوالمه بنسج تكويناته المعرفية ليقدم وعيا شعريا متجاوزا بتركيزه على جمالية السياق المستمد لتأثيراته من خلجات النفس والاحلام السابحة في فضاءات المخيلة المعانقة للواقع، ففيه تتسع الرؤية البصرية وتتحول لرؤية معرفية تنفتح على المحتمل التأويلي، بتوظيف الرمز الاداة الفكرية للتعبير عن قيم غامضة لغرض تصعيد التكنيك الشعري، اذ تتحول الصورة الشعرية، التي تعد من اهم ركائز منظومة النص الشعري، كونها وسيلة فنية تتجسد بها افكار المنتج وعواطفه الى رؤية، فضلا عن توظيفه للنداء، الحركة الزمنية المتراكمة بتأثير الصور في وجدان المنتج تراكما كثيفان اضافة الى توظيف اسلوب الاستفهام الباحث عن الجواب من اجل اتساع مديات النص. 
وهناك التكرار الدال على التوكيد بدلالاته الفنية والنفسية، مع اضفائه ايقاعا مضافا وتناغما موسيقيا وتوافقا صوتيا، والتنقيط (النص الصامت) الدال على الحذف والذي يستدعي المستهلك للاسهام في بناء النص وملء فراغاته.
كما يعتمد النص البناء المقطعي بانسجام فني رغم تفرد كل مقطع برؤيته ورؤاه، لكنها تأتلف على المستوى الدلالي برؤى متآلفة بوحدتها العضوية الكاشفة عن مهارة الشاعر اللغوية، مع صبغة جمالية تشكيلية تهيمن على النسق الشكلي الذي تقوم صوره الشعرية عليها، فضلا عن زخم الجملة الفعلية التي توزعت روحها بين امتداد الكون النصي، فامتلكت صفة السيادة الزمنية الحاضرة مع تخصيب المعنى وتكثيفه عن طريق الاختزال بتخطيط معماري يحمل شحنته، التي منحت النص انعطافة جمالية نثرت وجودها على جسد مترابط الاجزاء.. متلاحم الفكرة، مسبوك المعنى، ومحبوك الدلالة.
كما أن النص يعتمد السرد الشعري، المهيمن الاسلوبي الذي يحيل الى حوارية مركبة (الانا) وذاتها لانتاج صورة تدفع المتلقي للمشاركة في التصوير والاندماج والتفاعل في فضائها، اضافة الى انه يسير وفق مدلول فني، تقني تكمن جماليته في اطار مشهد كلي يقرر مساراته.
إن المنتج يعتمد ضمير المتكلم ابتداء من الاستهلال حتى النهاية، كي يسهم في توسيع الرؤية وتعميقها بتوظيف الجمل القصيرة بلغة ايحائية تلازمها انبثاقات ايقاعية تكمن في دواخلها طاقة وجدانية مقترنة بمنطق جمالي من خلال المشهد المنبثق من منطق الحياة وحركتها التي شكلت احد معطيات المستوى الحسي للنص، مع توظيف الجزئيات بطريقة اسهمت في تطوير البناء الدرامي له.