السياسة وإدارة القوة

آراء 2021/02/10
...

 علي حسن الفواز
 
 
السياسة تحتاج الى القوة، لكنها تحتاج اكثر الى التخطيط والتنظيم والتمكين، وهذه اجراءات لا تنفصل عن تداولية مفهوم القوة، لأنها ستدخل في سياق تنفيذ البرنامج السياسي، وفي اعطاء القوى السياسية مجالا واقعيا للتعاطي مع الاحداث.
القوة من جانب آخر هي مفهوم يخص السلطة، مثلما يخص المعرفة، ولعل الفيلسوف ميشيل فوكو وضعه اجراء جوهريا في فلسفته، وفي نظرته الى علاقة الانسان بالسلطة والجسد، وفي سياق حاجة الانسان لها بوصفه اداة صيانية من جانب، واداة للتغيير من جانب آخر، لكن هذه القوة قد تتحول الى حماقة ورعونة حينما تفقد روحها النقدية، وعقلانيتها، مثلما أن الضعف سيكون رثاثة ونكوصا إن تحوّل الى موقف سلبي إزاء الاحداث والوقائع والضرورات..
مابين القوة والضعف تبرز الارادة الواعية بوصفها قوة خلاقة، وعقلانية تملك أدوات المواجهة والفعل الايجابي، وبالاتجاه الذي يجعل القوة نافعة، وضرورية في معالجة اخفاقات كثيرة في مجال ادارة السياسة والاقتصاد والامن، وحتى في ادارة الثقافة ذاتها، والمختلف هنا هو كيف نفهم القوة؟ وهل عنف دائم، أو تسلط غاشم على الآخرين؟ ومن هو القادر على التصرف العقلاني بها، بعيدا عن الحماقات، لاسيما أن تاريخ الاستبدادوالديكتاتورية والطغيان عندنا بدأ من تمركز القوة عند جهة معينة، حيث تكرست عبرها نزعات الانقلاب والسيطرة والقمع وفرض الارادات واقصاء الآخر، وهي تمثيل سلوكي للحماقة، الذي كثيرا ما يرتبط بتداول القوة المفرطة بوصفها رمزا وقناعا للسلطة.
مراجعة الخطاب السياسي، والخطاب الأمني والخطاب الثقافي من الأمور الحيوية، التي نحتاجها كسياق لإعادة تأهيل مفهوم القوة ليكون جزءا من البناء، والتأهيل والضبط، والادارة الفاعلة، مثلما هي ضرورة تأهيل العقل السياسي، ليكون فاعلا وناجحا في تنشيط وتحفيز ادارة الدولة والمؤسسة، إذ يحتاج كلاهما الى التنظيم والخطيط، وعلى مستويات متعددة، أهمها وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فضلا عن تهيئة الوسائل والاسس والبرامج والدعم، الذي يجعل من النجاح فعلا واقعيا ومستمرا، وقادرا على أن يمارس وظيفته بواقعية وعقلانية حقيقية.