تنفيذ أحكام القضاء خطوة ضروريَّة في التصدي للإرهاب

آراء 2021/02/13
...

 زهير كاظم عبود
بالتزامن مع ارتكاب مجزرة ساحة الطيران والتحرير يتناقل المواطنون أخبار بقاء الإرهابيين المحكومين والمكتسبة احكامهم درجة البتات من دون تنفيذ، وانهم ما يزالون في السجون أحياءً يتنعمون بالطعام والشراب والهواء والماء في حين نشفت دماء الشهداء ونشفت معها دموع الأمهات؛ لذا فإن متابعة تنفيذ الأحكام وتطبيق القصاص العادل على كل المجرمين الصادرة بحقهم الأحكام والذين استباحوا دماء الأبرياء ودنسوا الأرض، ولا مجال قطعا أن يتم تطبيق قانون للعفو بحقهم بأي شكل كان، ولهذا فإن من ضروريات الإعلام الحكومي أن يعلن عن تنفيذ مثل تلك الأحكام، وان نتعرف بعد التنفيذ على أسماء المجرمين وصورهم ليكونوا عبرة لغيرهم. 
 لم تمر على العراق بتاريخه الحديث جرائم غاية في الخسة والنذالة مثل الجرائم التي ترتكبها (بهائم مفخخة) يتم استخدامها كمطايا للتفجير وسط حشود الناس البسطاء والآمنين والفقراء، ولفداحة الخسارة التي تشكلها مثل هذه الجرائم فإن تنفيذها بأمانة وبسرعة يسهم فعليا في شكل من أشكال الردع والتصدي لمرتكبي هذه الجرائم، والتنفيذ الفعلي والسريع يعبر عن حالة الانسجام بين السلطة القضائية والتنفيذية
والأحكام الجنائية التي تصدر متناسبة مع حجم الفعل والجريمة، والتي اكتملت من جهة التحقيق والتدقيق، هذه الأحكام هي الطريق الوحيد الذي يحدد شكل العقوبة التي توقعها المحكمة على المدان، وخلال عمليات السعير الإجرامي التي مارستها قوى إرهابية متخلفة، والتي كانت تسيطر على عقول بعض المتطرفين والمخدوعين لإيقاع أكبر الأذى بحق أبناء العراق، أصدرت المحاكم الجنائية العراقية أحكاما فاصلة وفق قانون مكافحة الإرهاب، وهذه القرارات تكون خاضعة للتمييز، وبعض منها تخضع للتدقيق التمييزي حتى في حال عدم تمييز المدان للحكم الصادر بحقه، تطبيقا لأحكام المادة (254 من قانون أصول المحاكمات الجزائية). 
 إن احترام الأحكام وتنفيذها مسألة تدخل في صلب احترام القانون والقضاء، فالقرارات القضائية الصادرة سواء منها من محاكم البداءة او محاكم الجنح او محاكم الجنايات او الاستئناف تأخذ طريقها القانوني المرسوم في قانوني أصول المرافعات المدنية أو أصول المحاكمات الجزائية، ويتم تدقيقها من قبل محكمة أعلى مستوى من المحكمة التي اصدرت القرار، وبعد ان يتم تدقيقها يتم تصديقها في حال كون الحكم الصادر صحيحا وموافقا للقانون وخاليا من العيوب التي من الممكن أن تعيب الحكم او تبطله او تعدله، او انها تقوم بنقض قرار الحكم الصادر لوجود نقص او خلل او خطأ في حيثياته او نتيجته القانونية مما يجعله عرضه للنقض وإعادته لمحكمته التي اصدرته، وفي احوال أخرى تقوم محاكم التمييز بإلغاء الأحكام الصادرة وإصدار حكم جديد في القضية المعروضة، وبعد ان يتم تصديق قرار الحكم الصادر يصبح الحكم بعد كل هذا مكتسبا للدرجة القطعية وباتا، ويصبح الحكم والقرار القضائي الصادر بمثابة القانون الملزم للتنفيذ. 
هذا الالزام الذي منحته القوانين وأكد عليه الدستور يؤكد ويجسد احترام الأحكام والقرارات القضائية، كما يبرهن على احترام استقلالية القضاء وأحكامه المعتبرة، علما بأن قانون العقوبات العراقي يعاقب الموظف الذي يرفض تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية، وأزاء هذه القوة القانونية للحكم القضائي، فإن احترام هذه الأحكام والالتزام بما ورد فيها واجب تنفيذي، ولن يتمكن اي شخص مهما كان مركزه الوظيفي أن يرفض أو يعرقل مثل هذه الأحكام وإلا سيواجه العقوبة المفروضة قانونا. 
وحيث لم تمر على العراق بتاريخه الحديث جرائم غاية في الخسة والنذالة مثل الجرائم التي ترتكبها (بهائم مفخخة) يتم استخدامها كمطايا للتفجير وسط حشود الناس البسطاء والآمنين والفقراء، ولفداحة الخسارة التي تشكلها مثل هذه الجرائم فإن تنفيذها بأمانة وبسرعة يسهم فعليا في شكل من أشكال الردع والتصدي لمرتكبي هذه الجرائم، والتنفيذ الفعلي والسريع يعبر عن حالة الانسجام بين السلطة القضائية والتنفيذية، ومثلما ينتخي القضاة في إصدار الأحكام في القضايا الجنائية ضمن السقف الزمني المحدد، فإن من المنطق ان تتم الاستجابة من السلطات التنفيذية، وان لا تتدخل السياسة والحزبية والمصالح دون ذلك. 
وخلال الفترة الماضية أظهر القضاء العراقي حرصا أكيدا على مواكبة التصدي لهذا النوع من الجرائم الإرهابية، ولم يتوقف عن النظر واصدار أحكامه العادلة، بالرغم من تقديمه الشهداء من القضاة قرابين للدفاع عن حياة العراقيين وعن كرامة ووحدة العراق، وسيبقى القضاء حاملا هذا المشعل حتى نمسح من أرضنا كل بقايا البهائم والعقول المتخلفة والمتطرفة.  
واذا كان من بين أهم ركائز دولة القانون أن تخضع جميع السلطات فيها للدستور والقانون، وأن يتساوى الجميع أمام القانون من دون استثناء، فإن مسألة استقلالية القضاء عنصر رئيس من عناصر مكونات النظام السياسي، وعلى هذا الأساس وحتى يتم تبلور مفهوم استقلالية القضاء العراقي على السلطتين الالتزام بتنفيذ الاحكام القضائية وتحترمها، وأن تترجم هذه الاستقلالية من خلال هذا الالتزام فضلا عن التزامها بعدم التدخل في الشأن القضائي، ومن بين أهم ركائز دولة القانون أن تخضع جميع السلطات فيها للقانون وأن يتساوى الجميع أمام القانون من دون استثناء وأن يتم توزيع وظائف الدولة بين السلطات الثلاث اعتمادا على نظرية فصل السلطات لتحقيق رقابة متبادلة ومهمات محددة، إذ تختص السلطة التشريعية بسن القوانين، وتقوم السلطة القضائية بتطبيق تلك القوانين وتفصل في المنازعات والخصومات المعروضة أمامها الى جانب رقابتها على عدم خرق الدستور كضمان من ضمانات مبدأ الشرعية، في حين تقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن كلا السلطتين.