نهاية الأوبئة السياسيَّة

آراء 2021/02/13
...

 يونس جلوب العراف
في ظل وجود كتل وأحزاب مهيمنة على المشهد السياسي منذ سقوط النظام السابق الى يومنا هذا، ومع اقتراب نهاية العقد الثاني من سيطرتهم على مقاليد الحكم في العراق، أصبح الشعب يرى ان وجود هذه الكتل اصبح يمثل اوبئة سياسية أشد وطأة من الاوبئة التي غزت العالم عبر تاريخه الطويل، ويجب وضع نهاية سريعة لها من خلال المشاركة القوية والفاعلة في الانتخابات البرلمانية المقبلة مهما كان موعدها؛ كونها الطريق الوحيد الى احداث التغيير المنتظر والذي طال غيابه عن مسرح الاحداث.
خلال الايام الماضية كانت لي لقاءات بعضها قصير واخرى مطولة مع بعض المرشحين الشباب العازمين على المشاركة في العملية السياسية والذين دخلوا رسميا في سجلات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كمرشحين في الانتخابات المقبلة من خلال كتل بعضها جديد واخرى موجودة على الخارطة السياسية بشكل قوي ولها ثقل جماهيري كبير، وقد لمست من خلال هذه اللقاءات ان لديهم رغبة في احداث التغيير المأمول إذ إن تحركاتهم قد بدأت بالفعل نحو الناس في مناطقهم التي ستكون لهم بوابة الدخول الى مجلس النواب في دورته المقبلة ان
 شاء الله.
في مقابل ذلك فاننا امام تحديات كبيرة تواجه الجميع في هذه الظروف الاقتصادية والسياسية الحرجة إذ مازالت هناك العديد من القضايا معلقة من دون حلول واقعية، ولاسيما ما يتعلق بالانتخابات التي يريدها الشعب خالية من التزوير الذي اتهمت به الكتل في الانتخابات السابقة، فما نحتاجه الان هو المحافظة على استقلالية المفوضية من التدخلات من قبل الكتل السياسية التي لها نفوذ قوي في الحكومة، بل يجب على الحكومة الالتزام بتعهداتها في اقامة الانتخابات المبكرة من دون تأخير وتحديد موعد نهائي واضح ومعلوم مع التزامها به، بعيدا عن رغبات بعض الكتل التي تحاول البقاء في البرلمان الى نهاية دورته الحالية وكسب الوقت لترتيب اوراقها من اجل التواجد في المشهد البرلماني المقبل كقوة سياسية لها دورها المؤثر في اتخاذ القرارات داخل قبة البرلمان المقبل.
لا يخفى على المتابع العليم وجود قضايا اساسية على اطرافها ان تعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الحكومة وبما عليها من تعهدات اطلقها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ستكون امام اختبار حقيقي يتمثل بالقدرة على انجاح عملية الانتخابات التي يراد لها ان تكون مختلفة عن سابقاتها كونها اول انتخابات مبكرة تجري في البلاد وقد جاءت برغبة شعبية نتيجة التظاهرات التي انطلقت في شهر تشرين ٢٠١٩ وأدت الى تغيير الحكومة التي كان يقودها عادل عبد المهدي والمجيء بحكومة جديدة مهمتها الاساس هي التجهيز والتحضير للانتخابات المبكرة على وفق مايريده الشعب من نزاهة وامانة حتى يصل من يستحق الى قبة البرلمان الجديد كممثلين حقيقيين للشعب، كون الشعب سيراهن على اناس اخرين يقودون العملية السياسية المقبلة والابتعاد عن الوجوه الحالية التي لم يعد يريد اغلبها حاضرا في البرلمان المقبل.
من المؤكد ان الامم المتحدة سيكون لها حضور قوي في الحفاظ على نزاهة الانتخابات المقبلة، ولذلك عليها ان تسعى الى اثبات حسن نيتها من خلال ارسال فريق عمل متخصص بالعملية الانتخابية يتسم بالحيادية والمهنية للمساهمة في انجاح الانتخابات كون التعاون الجاد لهذه المنظمة الدولية مع المفوضية يمكن ان يسهم بابعاد الاتهامات بالتزوير عن الانتخابات والوصول الى نسبة معقولة من الرضا الشعبي عن من يصل الى قبة البرلمان المقبل.