هل سيصلي الحبر الأعظم لصالح السلام؟ أو سيدعم الوجود المسيحي؟

منصة 2021/02/13
...

 إعداد: الصباح
 
تعودُ المساعي العراقيَّة لاجتذاب زيارة البابا لهذا البلد الى عشرات السنين الماضية. بما في ذلك مساعي النظام السابق الى تحقيق هذه الزيارة كي تكون أداة ضغط لكسر العقوبات الأمميَّة على العراق في تسعينيات القرن الماضي.
يقول موقع (Vatican News): إنَّ العراق بلدٌ مقدّس. وقد سكنه الأنبياء، والأقدم من بينهم هو إبراهيم (ع)، ورحلته الشهيرة من أور الى الأراضي المقدّسة. وهو أرض يونان (ع) في نينوى. وكذلك أرض السبي البابلي والانتقال الشهير المذكور في العهد القديم من أرض كنعان الى العراق. وبالدرجة الأولى، سيأتي البابا فرانسيس الى هذه الأرض، أور، باعتباره “حاجّا”، يسعى لأداء مناسك الحج الى بيت إبراهيم (ع). وترى الدراسات المُعمقة بشأن مستقبل المسيحيَّة في العراق، أنها تواجه “مُهمة مستحيلة” في هذا البلد. خاصة بعد أنْ تسببت عصابات داعش الإرهابيَّة في تهجير آخر مسيحيي الموصل، وترويع مسيحيي سهل نينوى الذين يتخذون من تلك البقاع سكناً تاريخياً لهم منذ 1700 عام. وتتحدث المصادر التاريخيَّة عن أنَّ العراق يحتوي على آثار أقدم كنيستين في العالم كانتا مُخصصتين للعبادة المسيحيَّة. وهما كنيستا (تل كوخة) في المدائن، وكنيسة (الكصير) في كربلاء قرب واحة عين التمر التي اسمها التاريخي (جثاثة)، من الرهبان (الجثليق/ الكاثوليك) الذين سكنوها في القرن الثاني والثالث الميلادي.  ويجمع مراقبون على أنَّ زيارة البابا المرتقبة الى العراق لها ثلاثة أبعاد؛ الأول هو دعم وجود مسيحيي العراق، الذين تناقصت أعدادهم بالهجرة لتصل الى أقل من 1 % من مجموع السكّان. البعد الثاني للزيارة، هو أنَّ البابا يريد أنْ يلفت انتباه العالم الى أهمية الاستقرار في هذه الزاوية من الكوكب، والتي تتصارع عليها قوى دوليَّة وإقليميَّة كثيرة. ويريد أنْ يقول ضمناً وصراحة: إنَّ الاستقرار في العراق هو مطلبٌ إنسانيٌّ يدعمه الفاتيكان والكرسي الرسولي، ولا ينبغي أنْ يبقى التطرف متأججاً فيه وإنَّ الفاتيكان تعرف أنَّ الأيادي الخارجيَّة تسهمُ في هذا التأجيج. أما البعد الثالث لزيارة البابا، فهو أنَّ العراق والمسيحيين فيه خاصة، يواجهون تطرفاً مستعراً. يهدد السلام، ويهدد التعدديَّة بمجملها في الشرق الأوسط.
ورغم التنوع في المجتمع المسيحي في العراق، والذي تتصدره الكنيسة الكاثوليكيَّة الكلدانيَّة، إلّا أنَّ موقع الفاتيكان يعوّل أيضاً على تفاعل الكنيسة السريانيَّة العراقيَّة وهي التي أعطت شهداءً في حادثة الاعتداء الإرهابي على كنيسة سيدة النجاة ببغداد، والكنيسة اللاتينيَّة الرومانيَّة الكاثوليكيَّة، والكنائس الأرمنيَّة أو القبطيَّة أو اليونانيَّة. والأهم، من بين الكنائس الأخريات (من غير الكاثوليكيَّة) هي الكنيسة الآشوريَّة (الآثوريَّة) التي انتقلت الى الولايات المتحدة ثم أعيدت مؤخراً الى العراق في أربيل. تبقى الحاجة العراقيَّة (سياسيًا) الى داعمٍ دوليٍ للاستقرار هي حاجة ملحَّة. طالما كانت هناك مصالح متضاربة لقوى إقليميَّة ودوليَّة، التي ربما ستعرف (بعد زيارة البابا المرتقبة) أنَّ استقرار العراق هو مفتاحٌ حقيقيٌّ لكل الاستقرار والازدهار، وكذلك كبح جماح التطرف في الشرق الأوسط الثمين بالنسبة لهذه القوى الدوليَّة.