المناورة في موقف بايدن

آراء 2021/02/15
...

 محمد شريف أبو ميسم 
بين رفض الرئيس الأميركي جو بايدن رفع العقوبات عن إيران، بغية حملها على العودة إلى طاولة التفاوض لبحث سبل إحياء الاتفاق النووي، وبين إصرار إيران على رفع العقوبات قبل العودة الى الالتزام بالاتفاق النووي، ثمة سؤال يتدلى عند نقطة تراجع بايدن عن موقفه بشأن العودة الى الاتفاق النووي، عبر تشجيع ايران على الالتزام ببنوده في حال فوزه بالرئاسة، وهذا السؤال كثيرا ما أجيب عنه في سياق الاصطفاف الدائم لسياسة البيت الأبيض مع تل أبيب، والذي كان وراء قرار الرئيس الأميركي السابق «دونالد ترامب» الانسحاب من ذلك الاتفاق، ومثله قرار نقل السفارة الأميركية الى القدس، ودعم عمليات التطبيع بعد الاعلان عن صفقة القرن. ومن المؤكد ان هذا الثبات في تطابق السياسة الصهيونية مع السياسة الأميركية على طول الخط، له من يقيم عليه ويتولى ادارته في مراكز صنع القرار الأميركي، وفي مقدمة هذه الجهات، ما يسمى بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك» وهي من أقوى جمعيات الضغط على مراكز صنع القرار الأميركي، ومن بين أهم أهدافها المعلنة، هو إدانة الإجراءات الإيرانية الساعية للحصول على التكنولوجيا النووية وموقفها المنكر للهولوكوست، فضلا عن تقوية العلاقات ما بين واشنطن وإسرائيل من خلال التعاون المخابراتي والمساعدات العسكرية والاقتصادية، وإجراءات إضافية ضد الدول والمجموعات المعادية لإسرائيل، والدفاع عنها من أخطار الغد، وتحضير جيل جديد من القيادات الداعمة لها، وتوعية الكونغرس بشأن العلاقات الأميركية الإسرائيلية، ما يجعل «الايباك» التي تم تأسيسها في عهد الرئيس الأميركي «أيزنهاور»، هي اللاعب الرئيس في صنع القرار في هذا الملف مدعومة بسلطة الشركات التي تحكم العالم.   
وهذا ما يفسر قول الكثير من العامة والمعنيين بالشأن السياسي «ان الرئيس ليس أكثر من موظف»، ويفسر نفي جو بايدن عما إذا كانت واشنطن سترفع العقوبات أولا لجعل إيران تعود إلى طاولة التفاوض. على الرغم من تصريحاته السابقة التي بررت نية العودة الى الاتفاق بدافع الخشية من أن تدخل دول المنطقة في سباق نووي، ما يجعلها في حال من عدم الاستقرار، وهذا ما دفعه أيضا للكشف عن رغبته في أن يتوسع الاتفاق ليشمل دولا مثل السعودية والامارات. وكل ذلك في اطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يحتاج الى استقرار تسهم به جميع دول المنطقة، ما يفسر المناورة في موقف «بايدن» بما ينسجم مع نهاية المرحلة الترامبية المليئة بالتوتر والتصعيد.