ماجد عبد الحميد الحمداني
الاختلاف الشاسع بين منهجية ترامب وبايدن، كان واضحا بشكل لا يختلف عليه اثنان منذ الحملات الانتخابية للرئاسة الاميركية من خلال تبني مواقف معلنة، أمام الرأي العام، سواء الاميركي أو العالمي، فسياسة ترامب استخدمت العصا والجزرة، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط واندفعت بشكل غير مسبوق لتحقيق المكاسب لاسرائيل، سواء بما يخص نقل السفارة الى القدس أو الاعتراف بالجولان حقا ( مغتصبًا) لاسرائيل، ضاربا عرض الحائط جميع المصالح الفلسطينية والعربية وغيرها كثير.
اما بايدن الديمقراطي الذي شدد على أن نهجه نقيض لسلفه ترامب في الكثير من الملفات الى حد كبير، ولو أنه لم يوضح السياسة الاميركية الجديدة تجاه العراق أو قضايا العرب الستراتيجية، إلا أن قراءة دقيقة في مجمل سياسات الرؤساء من الحزب الديمقراطي وكما حصل إبان الفترة الرئاسية لأوباما، عندما كان بايدن نائبًا له فإنهم يميلون الى ادارة الصراع بشكل غير مباشر أو عن طريق الانابة، بدليل اعتراف هيلاري كلنتون وزيرة خارجية اوباما وقتها بمسؤولية إدارة اوباما بتكوين «داعش» لجعلها ورقة ضغط على أطراف اقليمية وليست عراقية فقط (طبعًا هذا لايبرئ مسؤولية وتقصير اطراف محلية وحكومية انذاك في هذا الشأن )، وكل ذلك لخلط الاوراق وزعزعة الوضع العراقي لأهداف معينة، وكانت كارثية على جميع العراقيين كما معروف، وعليه فالمرجح أن تكون سياسة بايدن تجاه العراق وكما نقول باللهجة العراقية على طريقة «خدك عينك» فهو لن يستخدم القوة المباشرة، إذا تم تهديد المصالح الاميركية داخل العراق من قبل الجارة إيران طبعًا على الارجح، إلا إذا تغيرت الخطط والاهداف وإنما سينتهج كما أسلفت الى تفعيل سياسة الضغط غير المباشرة، شريطة الابتعاد عن الحروب، لاسيما في ما يتعلق بالصراع الاميركي-الايراني، و بما يتعلق بالمصالح الاميركية نفسها داخل العراق، التي تواجه تحديا من اطراف لها كلمة الفصل الى حد بعيد، سواء في القرار السياسي أو الأمني .
لذا فالمتتبع لسياسة الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي تجاه الشأن العراقي سيجد اختلافًا كبيرا في كيفية التعامل وطرقه وأساليبه، ما بين الرئيس المنتخب من هذا الحزب أو ذاك، وما على اصحاب القرار العراقي، إلا انتقاء الخيارات التي تتلاءم ومصالح شعبه وعدم ترك أطراف دولية من التحكم بمصالحه مهما، إختلفت تلك السياسات ولا يتحقق ذلك، إلا من خلال إنصهار الارادات السياسية العراقية المتعددة في نهج جديد متفق عليه من قبل جميع أصحاب القرار حتى وإن تباينت الرؤى، فلا بد من إحداث تقارب إيجابي بينها لأجل عراق قوي ومزدهر عند ذاك لاتؤثر على البلد أية سياسات خارجية بالضد من المصلحة العراقية.