محمد الشحتور
للكلمة عند خبراء القانون أقسام:
1 - تطابق الكلمة مع مدلولها، مثل: المركبة الآليَّة هي السيارة والحافلة.
2 - عدم التطابق، مثل: المركبة الآلية لا تعني العربة اليدوية.
3 - غموض المعنى أو التباسه بغيره، ويُدعى (ظلال المعنى)، مثل: المركبة الآلية هل تشمل الكرسي الآلي المتحرك؟ وكلما اتَّسع ظلال المعنى زادت إمكانية أن يفسِّر المخاطَبون التشريع بحسب أهوائهم، وزادت احتمالات الاختلاف والتهرب من تطبيق القانون؛ لذا على المشرِّع التقليل من ظلال المعنى، بحيث تؤدي الألفاظ للدلالات الدقيقة التي قصدها، لدرجة ألَّا يستطيع المحرِّف لَيَّ معنى اللفظ وجره لتطبيقات خارج الغاية التشريعية.
فمن المهم أن يفهم منتج النصِّ (المشرِّع) والمتلقي (المخاطَب بأحكام التَّشريع) الكلمة بمدلولها التشريعي نفسه، إذ تكون للألفاظ في لغة القانون معانيها الخاصة، لا معانيها اللغوية المعتادة، وهي تشكل شبكة من المفاهيم المتعارف عليها في التخاطب، والتي تقوم بحبك النصوص الدستورية، وربط بعضها ببعض بوساطة الربط الإحالي؛ فكلُّ تعريف يحيل على معرَّف، وكلَّما ذُكر المعرَّف في امتداد النص أحال على التعريف، ما يحقِّق استمرارية المعنى على امتداد النص، ولا يتأتى هذا إلا من الوظائف الدلالية للتعريف (تفادي احتمال تفسير الكلمة بمعانٍ متعارضة عبر إعطائها معنى وحيدا، وتوخي الدقة بعدم ترك تفسير اللفظ للقارئ الاعتيادي، وتعريف الكلمات الصعبة، وتفادي التكرار لتقليل عدد الكلمات المستعملة في التشريع).
ومن التعريفات الدستوريَّة النصُّ على أنَّ «رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بإدارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق بإقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب» م78؛ فقد عُرِّف رئيس مجلس الوزراء بمهماته الدستورية الموكَلة إليه، فكلَّما ذُكر عَلِم المخاطَبون المقصود به من دون الحاجة لإعادة التعريف، واستمرارية معناه يعني استمرار الاتصال بين المنتج والمتلقي بوساطة التعريف الذي يحقَّق قوة في حبك النص وتماسكه المعنوي عبر الإحالة.
كذلك النصُّ على أنَّ «المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا وإداريا» م92 أولا.
أما التعريف الأشد اختصارا هو النصُّ على أنَّ «بغداد عاصمة جمهورية العراق» م11، وورد في الباب الأول، لكنه تكرر على مسافة بعيدة في الباب الخامس بصيغة أخرى مشابهة، هي: «بغداد بحدودها البلدية، عاصمة جمهورية العراق، وتمثل بحدودها الإدارية محافظة بغداد» م124 أولا، وهذا التكرار للتعريف – وإن كان إداريًّا- قد يسبب نوعًا من الإرباك وضعف الحبك وربما تفكُك النَّصِّ، بناءً على ما تقدَّم من أنَّ التعريف والمعرَّف يتبادلان الإحالة كلٌّ منهما على الآخر، فيفترض توحيدهما لتظلَّ الدلالة ثابتة.
ومن المفيد بيان المواد الدستورية المُعرِّفة والموضوع المُعَرَّف دستوريًّا: (م1 جمهورية العراق، م2 أولا، الإسلام، م3 العراق، م67 رئيس الجمهورية، م65 مجلس الاتحاد، م 122 ثالثا، المحافظ، م78 رئيس مجلس الوزراء، م92 أولا، المحكمة الاتحادية العليا، م11 بغداد، م124 أولا، بغداد إداريا)
فمجموع التعريفات أحد عشر تعريفًا، وهو عدد قليل بالنسبة لعدد الكلمات التي لم تُعرَّف؛ فبقي الغموض يلفُّها، كما بيَّنا سابقًا، وبخاصَّة بالنسبة لبعض الشخصيات المهمَّة في الدولة كالوزير الذي لم يأتِ الدستور على
تعريفه.
(أصول الصياغة القانونية بالعربية والانجليزية/ دليل مبسط لتقييم مشروعات القوانين لمجلس النواب العراقي: محمود صبرة، التعريفات وتماسك النص القانوني: عبد اللطيف
القرني).