الناتو ودلالة توسيع مهامه في العراق

آراء 2021/02/24
...

 عبد الحليم الرهيمي
في خطوة بدت مفاجئة للكثيرين إعلان الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ في تصريح صحفي أن وزراء دفاع الحلف اتخذوا في 18 فبراير- شباط الحالي قراراً بزيادة عدد منتسبيه الى 8 أضعاف، أي رفع العدد من 400 الى 4000 منتسب، فضلا عن توسيع مهامه الحالية الى خارج بغداد ايضاً، وان مهمة ونشاط الحلف ينحصران بالاستشارة والتدريب للقوات المسلحة العراقية وليست مهمة قتالية.
هذه الخطوة - القرار- جاءت بعد 4 ايام من الهجوم الصاروخي على القاعدة الاميركية في اربيل وعلى مطار اربيل، وكان من نتائجه مقتل متعاقد يعمل في القاعدة مع اصابة 8 أشخاص آخرين يعملون في القاعدة والمطار بينهم مدنيون. وقد أثار هذا الهجوم ردود فعل غاضبة ومستنكرة على صعيد الداخل العراقي وعلى الصعيد الخارجي الاقليمي والدولي.
ربما بدا إعلان الناتو هذا تحذيراً للذين قاموا بذلك الهجوم غير أن الواقع لا يشير الى ذلك، فقرار بهذه الأهمية لا يمكن اتخاذه والاعلان عنه من دون إجراء مشاورات لوقت غير قصير بين الحكومة العراقية وقيادة الناتو، وربما كان الاتفاق على الاعلان مع الحكومة العراقية في وقت لاحق، وجد الطرفان من المناسب الاستعجال في الإعلان عنه بعد الهجوم الصاروخي بأيام كعامل ردع معنوي.
إعلان الأمين العام لحلف الناتو عن هذا القرار حظي بارتياح عام من الرأي العام العراقي والذي يمكن استنتاجه من ردود الفعل السلبية اتجاهه من جماعات محدودة بذريعة أنه تدخل اجنبي في الشأن العراقي، في الوقت الذي يتطلع فيه غالبية العراقيين الى دعم الحكومة في كل قرار تتخذه لتحقيق الامن والاستقرار. وتوضيحاً ورداً على المشككين بأهمية هذا القرار او لغير المتفهمين لضرورته ولأهميته، اكد مستشار الامن القومي السيد قاسم الأعرجي في تغريدة، على ان العراق سيعمل على الإفادة من خبرات حلف الناتو في الاستشارة والتدريب ونحن نتعاون مع دول العالم ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب لتعزيز الامن والاستقرار.
أما قائد بعثة الناتو في العراق (بيير اولسن) فقد أكد بعد لقائه السيد مستشار الأمن القومي في 21 فبراير- شباط الحالي على ان وجود البعثة جاء بطلب من الحكومة العراقية وان البعثة تدعم العراق لمواجهة الارهاب والتطرف.. هذا في حين اكد مستشار الامن القومي مرة أخرى أن قرار حلف الناتو في توسيع مهامه الاستشارية والتدريبية وغير القتالية إنما تمت بموافقة الحكومة العراقية.
وبطبيعة الحال فإن موافقة الحكومة العراقية على قرار قيادة الناتو وبالتفاهم معها إنما جاء ضمن صلاحياتها التي نصت عليها المادة (78) من الدستور العراقي لعام 2005 التي تخول رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة وبوصفه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، وهذا يعني أن من واجب رئيس الوزراء القيام بتوفير كل ما من شأنه تحقيق امن المواطنين وامن العراق واستقراره؛ لأن ذلك هو من المهمات والصلاحيات الحصرية للحكومة.
إن العمليات العسكرية المتواترة التي تقوم بها القوات المسلحة العراقية ضد فلول داعش سواء على الحدود العراقية السورية وفي سنجار ومناطق أخرى في نينوى وديالى وصلاح الدين والتي امتدت الى شرق وشمالي بغداد إنما تؤكد التقارير الأمنية العراقية والتحالف الدولي التي تشير الى اعادة هذه الفلول تنظيم نفسها بعد ان بلغت أعدادها نحو 15 ألف داعشي إرهابي متواجدين بين العراق
 وسورية.
وتحسباً لهذه الخروقات الأمنية المتعددة والتي ترافق خلالها الهجوم الصاروخي على القاعدة الاميركية في اربيل وقاعدة  بلد الاميركية في صلاح الدين إنما يشير الى احتمالات توسع هذه الاختراقات التي رصدتها الحكومة والاجهزة الامنية واجهزة التحالف الدولي والتي تتصدى لهذه الاختراقات وتستعد في الوقت نفسه للتصدي لاحتمال خروقات
 جديدة.
لذلك فإن إحدى الدلالات المهمة التي ينطوي عليها اعلان الناتو توسيع مهامه وزيادة عدد منتسبيه بالاتفاق مع الحكومة العراقية، انما يشكل اجراءً وقائياً واستعداداً امنياً لمواجهة كل احتمالات والخروقات الامنية، سواء قامت بها جماعات داعش الارهابية او الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، كما اطلق عليها ذلك رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح.