حسين الذكر
استغرب كثيرا كلما قرأت بنود الدستور الفرنسي والاميركي والبريطاني وبعض الدول الأخرى، التي تعد منذ سنوات طويلة ضمن قيادات العالم الحديث والمعاصر، فكان يثير انتباهي أول ما أقرأ وجود بند الضرائب، الذي نعده نحن كعراقيين وعرب وفقا لخلفيات وثقافات متعددة عبارة عن جباية لحقوق معينة من الافراد الى الدولة، بيما يعد بالنسبة لتلك الدول العالمية المتحضرة هو عملية تنظيم متكامل لادارة الأموال والممتلكات، بما يسهل قيادة الدولة ورقيها واستمرار النمو والتطور فيها تحت كل الظروف الاقتصادية والأمنية والعسكرية القائمة، بمعنى ان الضرائب هي فلسفة لإحياء قوى الدولة ومواردها وتنظيمها بالشكل الأمثل.
يعد العراق من بين الدول التي حباها الله بالموقع الجغرافي والتاريخ والثروات والنهرين، بشكل شكلت فيه نواة لحضارة العالم وبزوغ فجر المعرفة المتدفقة من كل مكان، تلك النعم بثرواته الوافرة (التي درجته تحت عنوان ارض السواد لكثرة خيراته وزرعه)، من جهة أخرى حولته الى قبلة قوى الاستعمار في كل زمان، وهذه مسألة طبيعية تنسجم مع روح الانسان كفرد وكمجموعة في الاستحواذ والتطلع لا فرق بين زمن واخر ولا يدخل فيها العلم الا مساعد للهيمنة
والسيطرة.
قبل أشهر قريبة مرَّ الشعب والدولة العراقية بأسوأ ازمة اقتصادية كادت تطيح به وبنظامه، لولا بعض الحلول القسرية من قبيل الاقتراض من الداخل، وربما هبات او تعاقدات الخارج، قطعا فإن التبريرات المطروحة والمعقولة تمثلت في انخفاض عائدات النفط باعتباره الوسيلة الأهم اعتمادا وربما الأوحد لدعم ميزانية الدولة، في وقت تعد الضرائب من أهم موارد الدخل، لو فرضت بشكل علمي دقيق ورقابة صارمة، تمت الإفادة فيها من جميع موارد الدولة، التي تندرج تحت باب الضرائب من سياحة وايجار ممتلكات عامة لساحات وشوارع ومدن وغير ذلك، ما يمكن تحويله الى دخولات مهمة تنضم الى قائمة ضرائب الدخل والمهنة والخدمات العامة، التي ينبغي أن تكون لها مداخيل حتى وان كانت اسمية على الافراد والشركات، ستؤدي حتما وفقا للدقة والنسب الدقيقة الصارمة الى ما يسهل تكدس الواردات وتنظيمها وتفعيلها في مجالات عدة جميعها تحيي النظام والدولة والمجتمع.