بشير خزعل
في مواجهة خطر الأوبئة والأمراض التي تهدد الصحة العامة يقر قانون حقوق الإنسان بأن القيود التي تفرض على بعض الحقوق، يمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني وتكون ضرورية للغاية بناء على أدلة علمية ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا ولفترة زمنية محددة حسب معطيات الازمة،
ومع اتساع وباء كورونا وتطوراته الجينية اصبحت خطورته ترقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة، الامر الذي استدعى فرض قيود على بعض الحقوق بشكلها العام سواء كانت في حرية الحركة او العمل او ممارسات باقي الانشطة الاعتيادية، لكن من جانب آخر ومع وجود ازمة اقتصادية تضغط على المواطن وخصوصا في القطاع الخاص، اصبح تطبيق اجراءات السلامة العامة من خلال حظر التجوال منفذا لفساد البعض ممن يساومون المواطن على قوت رزقه اليومي، وبأشكال ومسميات مختلفة، وهذا الامر يعطي لمحة عن المخاوف من التعدي على الحقوق المدنية بسبب معالجات تفشي وباء كورونا، ومع عودة ارتفاع الخط البياني لحالات الاصابة في العراق ودخول السلالة الجديدة للفيروس، اتخذت لجنة الصحة والسلامة بعض الاجراءات الصحية التي يمكن أن تحد من تزايد عدد الاصابات والزمت المواطنين باجراءات مقيدة لحرية الحركة والعمل وتطبيق الاجراءات الوقائية، قرار حظر التجوال الجزئي والكلي أثار انزعاج اصحاب الأعمال الحرة وأصحاب الرزق اليومي، في وقت مازالت آثار القرارات الاقتصادية الأخيرة تلقي بظلالها على شريحة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، فبعض ضعاف النفوس ضمن المؤسسات المعنية بفرض إجراءات الحظر الصحي سيقومون باستغلال تفويضهم لهذا الواجب من اجل الحصول على أتاوات والاستثراء على حساب معاناة الناس في ظرف اقتصادي خانق، اتخاذ القرارات من دون وجود معالجات جذرية تمنع الفاسدين من استغلالها وتجيرها لمصالحهم الشخصية وخصوصا تلك المتعلقة بأرزاق الناس ستزيد من حجم المعاناة وستوسع الفجوة بين مؤسسات الدولة والمواطن، فليس من السهل منع فئات وشرائح واسعة من الكسبة على الجلوس في البيوت، واغلاق محال ملزمة بدفع الايجارات، وليس من السهل تقييد الحريات بإجراءات القانون، واذا كانت الازمة الصحية تستدعي مثل هذه الاجراءات بحسب آراء المختصين، فعلى الدولة ان تقوم بواجبها بشكل لايسمح بأن تكون فترة الحظر الجزئي او الكلي مدة زمنية لاستثراء البعض على حساب معاناة الناس، ويكفي العراقيون من الأزمات مايرونه ويعيشونه قبل بلاء كورونا الذي زاد الطين بلة.