سعاد حسن الجوهري
تحاورت الكتل.. اجتمع الساسة.. اتفق رئيس الكتلة مع نظيرتها.. انطلقت جولة جديدة من الحوارات.. عقد الجانبان اجتماعا مهما.. تداول الطرفان في آخر المستجدات..
وغيرها الكثير من العبارات التي يسمعها المواطن يوميا عبر التلفاز وفي سيارات النقل العام او في الموبايل او يقرؤها عبر الإعلام المقروء. لكن هل تعنيه بشيء بمقدار ما تعنيه الخدمات؟،
هل تنفع هذه الجعجعة الكبرى في غياب الطحين؟، لعل السياسي لا يريد ان يعرف شيئا واحدا ألا وهو أن المواطن لا يريد ان يجعل الحوارات السياسية في صلب اهتمامه لتشغله عن هموم الحياة ومتاعب كسب لقمة العيش. على الرغم من أن السياسة اصبحت وبحسب احصائيات شبه رسمية ومعتمدة مبنية على استبيانات أجرتها بعض الدوائر والمنظمات وهيئات الرأي تشكل نسبة تتجاوز الـ 50 بالمئة من اهتمام شعب العراق، طبعا وبنسب متفاوتة عن باقي شعوب المنطقة والعالم. لكن عين المواطن تبقى ترنو صوب مشروع يحقق الخدمة او وعد يتحول الى مصداق او شعار يقفز من الورق الى ارض الواقع ليلمس ان هناك بالفعل نتاجا لكل هذه الحوارات واللقاءات والمفاوضات والتفاهمات. ففي عرف السياسة منهج الالتواء سائد ولغة الكواليس طاغية لكن تبقى لدى المواطن اهتمامات اكبر واهم وفرت لبعض السياسيين نافذة للافلات من الوعود. الشعوب في الانظمة الديمقراطية هي التي منحت ساستها الشرعية وفوضتها نيابة عنها في مراكز القرار السياسي والتشريعي والتنفيذي. لذا فإن أي خلل تجاه رصيد السياسي يعني الخروج من الحلبة والانحسار، ومن ثم التراجع قبل الاضمحلال والمغادرة غير المأسوف عليها. إن الذي يقف بالضد من هذا الواقع سيجد نفسه لا محالة خارج مضمار السباق الذي يشهد اليوم في العراق على وجه الخصوص حالة استقطاب كبرى ومتسارعة لشخصيات واحزاب سياسية ناشئة تستمد العزم من الحالة الشبابية النهضوية الهادفة الى مواكبة العهد العالمي الجديد. غير أن الذي لا يعيه بعض السياسيين - وللاسف الشديد - حقيقة مفادها ان الشعب هو مصدر السلطات وان صوته في الصندوق الانتخابي هو معيار الشرعية لكل نظام، وان رضاه عن اداء الطبقة السياسية هو وقود ديمومة بقائها، وإلا فإن كل الذي يحصل وبكل صراحة هو جعجعة بلا طحين او كما قيل قديما الحرث في البحر.