الحق في رؤية المحضونين إلكترونيا

آراء 2021/03/02
...

 حسين المولى
تعد الأسرة من مرتكزات المجتمع القويمة، ومع عدم تعرفيها في الدستور العراق رغم النص على هذا المصطلح في صلب الدستور العراقي لعام 2005،  إلا أنه يمكن تعريف الأسرة وفقا لما جاء في الإعلان العالمي حقوق الإنسان لعام 1948 بأن الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

ومن الحالات التي تغير الكثير من مفاهيم الاسرة هي مرحلة الطلاق الحاصلة بين الزوجين، وما يخلف ذلك من آثار سلبية خاصة مع وجود اطفال، ومن خلال ظهور جائحة كورونا التي عصفت بالعالم وغيرت الكثير من المفاهيم المعتادة في المجتمع، برزت مشكلة رؤية المحضونين في ظل هذه الأزمة وتعطل الكثير من المحاكم من تقديم خدماتها المعتادة بشكل سريع، وكذلك إجراءات الوقاية من تباعدٍ اِجْتِمَاعِي وغيرها فرضتها هذه الجائحة، فتعرض الكثير من لهم حق الرؤية من رؤية أطفالهم، لذا ومع تطور التِّقْنِيَّة ودخولها في مناحي الحياة كافة، كان من اللازم استثمارها في هذا المجال، فحق الرؤية حَق لصيق للشخص، فلا يمكن الانتقاص منه أو تقليله لأنه حق إنساني، فقد تولى المشرع العراقي تنظيم هذا الموضوع فسلك اتجاهًا في مادته الـ 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، إذ جعل الحضانة تحت ظل مصلحة الصغير، فالحضانة ابتداءً مقررة للأم ومن بعد ذلك فالأب، وفي حالة انعدام وجودهم فيترك أمر تحديد القائم بأمر الحضانة لمن تختاره المحكمة مع مراعاة مصلحة الصغير، وهذا من المستحسن أن يرد في التشريع العراقي هكذا نقطة لضمان مصلحة الطفل المحضون، ومن خلال الاطلاع والاستزادة من العلم نجد أن الاجتهادات القضائية من أنبل الاجتهادات طالما أنها تصب في مصب حماية الإنسان وصون حقه وحرياته، فبين الفينة والأخرى نجد أن القضاء يقدم لنا حقيقة ناصعة لا يمكن حجبها، من خلال ذلك اطلعنا على حكم صادر من محكمة الاستئناف في دبي الصادر في العام 2015، بحق الولي في إلزام الحاضنة بتمكينه من الرؤية الإلكترونية للمحضون عبر وسائل اَلتِّقْنِيَّة المتاحة، فقد ألزمت محكمة الاستئناف، الحاضنة بتمكين الأب من التواصل مع ابنته عبر أحد برامج المحادثة الإلكترونية يومًا في الأسبوع ولمدة ساعتين، وفي بيانها لحكمها فقد قالت المحكمة: إن المقرر في القانون وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز الموقرة - أنه إن كان المحضون في حضانة أحد الأبوين فيحق للآخر زيارته أو استزارته واستصحابه حسبما يقرره القاضي، على أن يحدد المكان والزمان والمكلف بإحضار المحضون، وبحسب لائحة تنظيم رؤية المحضونين لسنة 2010 فقد نص صراحة على "يجوز للقاضي عند وجود مصلحة معتبرة للمحضون أن يتخذ قراراً مسبباً بتحديد عدد مرات الرؤية خلافاً لما ورد أعلاه، كما يجوز له الإذن بالتواصل عبر وسائل الاتصال الحديثة مع المحضون في أوقات يحددها"، وهذا الاجتهاد الذي يجعل القضاء هو منصة الحق التي ينطلق منها الحق ويذهب له في كُلّ تنظيم علاقة من علاقات المجتمع ليحافظ عليها من الانهيار والانحدار، فيجب أن يخطو المشرع العراقي ومجلس القضاء الأعلى المُوقرين خطوات في تنظيم ذلك.