العودة الأميركيّة للاتفاق النووي مع إيران بين التنازلات والتعويضات

آراء 2021/03/02
...

   د. قيس العزاوي
يتفق المقربون من الادارة الاميركية الجديدة على ضرورة تأني الرئيس جو بايدن بتنفيذ قرار العودة للاتفاق النووي مع ايران، فهم ينصحون بالانصات لملاحظات الجمهوريين وبعض الديمقراطيين المعارضة لذلك. إن الدعوة للتريث تتذرع بقسوة الحصار الاقتصادي على ايران وقرب قبول الأخيرة بالشروط الاميركية الجديدة، حتى ان بعض حمائم الديمقراطيين مثل دينيس روس المساعد الخاص للرئيس الاسبق اوباما الذي أبرم الاتفاق النووي ينصح الرئيس بايدن بعدم تخفيف العقوبات من دون تقديم طهران تنازلات بشأن الاتفاق النووي.

 تلك صورة ما يدور في أروقة الادارة الاميركية مفادها "التروي بانتظار تساقط الرطب الايرانية الشهية!!" بالمقابل لا تبدو القيادة الايرانية متعجلة طالما هي على علاقات اقتصادية ونفطية متينة مع الصين والهند وروسيا وتركيا وايطاليا وفرنسا واليابان وغيرها. فها هو مرشد الثورة الايرانية خامنئي يمارس الضغط على العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج غير عابئ، ويرى أن بلاده لا تصر على عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي المبرم عام 2015 ولا تستعجلها، وكأنه يعد الحالمين بالرطب الايرانية "بالمشمش"!
    دعونا ندخل الى تفاصيل شروط الادارة الاميركية الجديدة كما لخصها صانعو القرار الاميركي والمقربون من الرئيس الاميركي بايدن وهي: 
•  الالتزام الايراني بالقيود المفروضة في اتفاق 2015 الخاصة بعدد أجهزة الطرد المركزي.
•  العمل على خفض كمية اليورانيوم منخفض التخصيب من 2400 كيلوغرام إلى 1000 كيلوغرام.
•  تفكيك سلسلتين من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة المثبتة التي تم تركيبها. إن الالتزام الايراني بهذه الشروط سوف يحول دون وصول ايران للعتبة النووية وتطوير مواد انشطارية صالحة لصنع الأسلحة.
   وبالمقابل يطالب الايرانيون بتعويضهم عن كلفة العقوبات التي فرضتها ادارة الرئيس السابق ترامب، لكونهم استمروا بالتزاماتهم بموجب أحكام «خطة العمل الشاملة المشتركة» لمدة عام كامل بعد أن توقف الرئيس ترامب عن احترام الالتزامات الأميركية.
    تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بعودته للاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران، إذا التزمت "بشكل صارم بالاتفاق النووي، ومن ناحيته رد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن بلاده لاتقبل بشروط اميركا المسبقة لكنها ترحب بالعودة إلى الاتفاق النووي. ويبدو أن كلّاً منهما يطالب بالعودة إلى الالتزام ببنود اتفاقية عام 2015!!.
  ويرى البعض ان اتصالات سرية اميركية - ايرانية تجري خلف الكواليس، ويشير جاي سولومان (معهد واشنطن) الى أن الولايات المتحدة أجرت مرارا محادثات ثنائية سرية مع إيران تتعلق بنشاطاتها النووية وهو ما فعلته إدارة أوباما عامي 2012 و 2013، وربما يكون ذلك وراء التحذير الذي اطلقه رئيس أركان "جيش الدفاع الإسرائيلي" الجنرال أفيف كوخافي من العودة إلى الاتفاق النووي أو إبرام أي اتفاق مشابه، فالجنرال أمر "الجيش الإسرائيلي" بإعداد خطط عسكرية جديدة لمواجهة التحدي النووي الإيراني.
    ومن ناحيته يرى الجنرال مايكل هيرتسوغ رئيس هيئة التخطيط الستراتيجي في وزارة الدفاع الاسرائيلية ان ايران على حافة العتبة النووية، وان عودة الاتفاق معها سيضفي الشرعية على أنشطة التخصيب، ولن تثني الدبلوماسية والمحفزات الغربية مسار طهران لامتلاك سلاح نووي.
    لقد تعددت الاجتهادات وتراكمت المعلومات التي تدلل على ان ايران لم تتقيد بالالتزامات التي يفرضها الاتفاق النووي، فقد اعلنت انها تخصب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة، مخالفة الاتفاق النووي الذي ينص على ألا تزيد نسبة التخصيب عن3.67 في المئة، صحيح ان انتاج قنبلة نووية يقتضي تخصيب بنسبة 90 بالمئة، ولكن ما اعلنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لديها أكثر من 12 ضعف كمية اليورانيوم المخصب التي يسمح بها بموجب الاتفاق النووي، وهو ما يقلق اسرائيل الى درجة انها قد تخاطر بعمل عسكري يعرض المنطقة بأسرها للخطر، خاصة وانها تعلم ان مصالح إدارة الرئيس بايدن في عملية التفاوض الجارية ربما تؤدي إلى غض الطرف عن تهديدات إيران لجيرانها.