عمر ناصر
لنتوقف عند حدود المنطق ولنرجع بذاكرتنا المتخمة بالاحداث قليلاً الى الوراء لنحدد هويتنا الحقيقية والمقبولة للجميع، ولنترك الهوية الطائفية المستندة الى مبدأ المحاصصة تأخذ قسطاً من الراحة، ويجيبني بعدها من له القدرة على القاء الحجة مستنداً الى الموضوعية والحيادية بعيداً عن الميول والاهواء الشخصية، فاذا كان ما ادليت به من الخيال وذي نغمة موسيقية فالافضل اعطائي صعقة كهربائية قوية لكي تكون صفعة تلطم الماضي النقي الذي يختبئ خائفاً بين خلجات ذاكرتي المسكينة قبل ان تصل اليها ترددات عواصف الاختلافات المجتمعية التي قد توسوس بتأثيراتها على افكاري الشيطانية.
لنبدأ من حيث شرعن الدستور لنفسه احتدام الصراع من اجل البقاء وتفسير الكثير من مواده، فالمتصفح لديباجته سيجد قطعاً لمسات اقلام لا يمكن وصفها بالنقية، والقارئ الحذق من يستطيع الولوج لأدق التفاصيل وبقراءة دقيقة لما بين السطور، ليعي بعد ذلك حجم الخطر وجسامة الحدث والمسؤولية الموجودة في التفاصيل التي يقف خلفها معوّل يدمر كل مايراه امامه من ثوابت.
انتعشت صناعة السياسة بعد ان خلق السياسيون اجواءً مشحونة بالتشنج والخوف وتخوين الاخر، واصبح الوجل ينتاب ادق تفاصيل الحياة الاجتماعية ونجح الكثير منهم بإيهام العقول لغرض ابقائها بعيداً عن ميدان الوعي ونقاء القلب والسريرة من اجل ديمومة تبنيهم لفكرة الاسلام السياسي الذي يتعارض قطعاً مع مبادئ المدنية الحديثة ومحاولة تضليل الناس بأن الانحلال والانحراف ومعاداة الدين تكمن اسراره بمن يتبنى افكار المدنية، مما جعل اغلب الناس يدينون بالسمع والطاعة للاملاءات السياسية المغلفة بالدين لكي تبقى عضلة الالسن مجيرة تماما لفاقدي البصر والوعي والحس الوطني
والسياسي.
دعونا نخرج اليوم من الاطار وننصهر من جديد في بوتقة المواطنة، ونكون اكثر صراحة في تقييم الواقع المرير الذي لايمكن مقارنته بغيره لتعذر ايجاد مشتركات وقواسم فيما بينهم، ودعونا نأخذ نظرة فاحصة ودقيقة لكي نكون مدافعين عن شكل النظام السياسي لادارة الدولة بحرفية عالية والدخول بحذر بعمق المشكلة لنرى المعطيات ونقيم النتائج لكون الجميع يعلم بأن الاغلبية العظمى في العراق تدين بولائها للاسلام، وذلك لايعني قطعاً اهمال بقية الاديان، ونعلم جيداً بأن مخالفة القيم ومبادئ العقيدة تعد خروجا عن المسار الطبيعي
للثوابت.
لكننا نرى ان هناك تناقضا واختلافا واضحين وكبيرين بين التنظير والتطبيق، والكل يعلم بأن تبني فكرة الاسلام السياسي والعمل على ديمومتها يجب ان يستند الى واقع ملموس، فأذا اردنا القول بأن الاسلام السياسي هو الشكل الحقيقي لنظام الحكم فلا يمكن ان يكون ذلك بوجود البارات والملاهي الليلية وصالات القمار والروليت التي تتعارض حتماً مع ابجديات ومبادئ الاسلام الحقيقي، واذا اردنا القول بأن شكل نظام الدولة مدني او علماني وتعددي فالمحاصصة الطائفية والجهوية تثبت لنا عكس ذلك بوجود التشظي الذي دق اسسه السياسيون ودعا الى ترسيخه البعض من رجال الدين، وعليه دلوني عن الهوية الحقيقية للعراق كي لا نبقى ندور في حلقة التضليل
والنفاق.