(الى عشرين خطا مضوا ولم نزل نلتقي رفقاء درب الهدى كخيوط الفجر)، بهذا الاهداء الشفيف المهدئ للروح والفكر انتجت الكاتبتان بيداء مهدي معتوق الادريسي ونرجس احمد الموسوي اولى اصداراتهما القصصية المشتركة تحت عنوان (حلم كتاب) عن دار ببلومانيا للنشر والتوزيع في مصر .
المجموعة القصصية تكونت من 31 قصة قصيرة تناولت في اغلبها الحياة الاجتماعية وما يرافقها من تداعيات، سواء كانت مفرحة ام محزنة، كما تخللت بين سطورها بعض الامنيات وصور الماضي العذب الذي تجسد في اكثر من قصة، ونحو ذلك تألقت البعض منها في الامنيات والمشكلات الاسرية التي تعالج بطريقة مبسطة وخالية من التعقيدات. تأخذنا اكثر القصص في بحر من القدرات الالهية والارتباط العميق للذات مع الخالق، لتنتج حلولا جذرية لكل ما من شأنه أن يصلح الحال ويوفر الأمان.
تميزت كل حكاية وقصة بمضمون ناضج وبناء قصصي رصين حتى وان امتلكت كلمات بسيطة الا انها عالية الدقة في اختيارها وتحويلها الى سرد موضوعي شامل لكل احداثها، اما من ناحية الاسلوب فقد اختارت الكاتبتان نوعا جميلا في السرد تمثل بالاحاطة بما يدور حولنا من احداث وحكايات واقعية واحيانا خيالية، لكنها تتسم بصفاء المعنى واناقة السرد، فالكلمات مفهومة ومعبرة والتنقلات متراكبة مع سابقاتها بشكل يأخذ القارئ الى اكتمال احداثها بتشوق وقناعة .
سنختار مقتطفات من مجموعة (حلم كتاب)، بعضاً من سطور قصة لكل واحدة من الكاتبتين.
في اواخر قصة الكاتبة بيداء مهدي الادريسي (سر السعادة)، ختمتها ببضعة سطور لخصت فيها هذا السر الاثير بالقول: «كنت تبحثين عن الحرية وليس التحرر وهناك فرق كبير بينهما، فالطيور تحلق في السماء جماعة لتكون وحدة قوية وهذه مسؤولية، والطيور تحلق نهارا لتجني رزقها ورزق فراخها وهذه مسؤولية، والطيور تحلق بعيدا عن اوطانها بحثا عن الأمان، وهذه مسؤولية، فحريتك عزيزتي في أن تكوني مسؤولة، وهذا هو سر السعادة». وفي قصة (لوحة امل) للكاتبة نرجس الموسوي ترمي لنا كلمات هادفة وذات معنى عميق، اذ تقول في نهايات قصتها هذه: «من الشجاعة أن نبحث عن المعنى الايجابي في كل تجاربنا التي نعيشها، وان نتقبل الحياة بنفس مؤمنة ان في كل قضاء الله خيرا وحكمة حتى ان جهلناها، وان نتعلم ان الفشل هو خطوة من خطوات النجاح وتحمل الألم طريق من طرق الوصول لمعنى السعادة الحقيقي، والذين لم ينعم الله عليهم بتلك النفس المؤمنة يستسلمون من اول تجربة، ويتسرب اليهم اليأس والقنوط، فلا تكوني منهم يا صديقتي، تسلحي بالايمان وحسن الظن بالله وبأن القادم اجمل بحوله وقوته» .
