يتحتمُ أنْ نفهمَ.. كلّنا

منصة 2021/04/04
...

قيس قاسم العجرش
 
جلس المشرّعون لدينا وفصّلوا الأرزاق وفقاً لأنظمة الرواتب. ولسببٍ ما، ساد الظن بينهم أنَّ الراتب الأعلى وجب أنْ يكون للشهادة العليا. ولأنَّ القطاع الخاص انكمش نتيجة طغيان روح الشموليَّة، ودولة الوفرة التي تُطعم الجميع عبر الرواتب، فقد صارتْ الوظيفة الحكوميَّة هي الرجاء وهي البلاء في آنٍ واحد.
حتى أنَّ قطّاعنا الخاص تبيّن أنه يعتاش فقط على جهاز حكومي، يصرف كل شيء في كل شيء. ولأنَّ سعر الصرف ثابت، فقد نمت الرواتب لتكون عالية (وفي ذات الوقت غير عادلة)، وتسد عطش جيوب الذين ينفقونها بلا سقف، وصار صاحب الراتب الضعيف يشكو، وكذلك صاحب الراتب القوي.
الوصف أعلاه، يعبّر عنه بأنه تراكمٌ طويلُ الأمد لنمط الاستهلاك غير المسيطر عليه. أو باختصار، إنه كارثة اقتصاديَّة سرعان ما ستنفجر مع أول شحٍ مالي.
وبالفعل، كانت التظاهرات التي امتدت منذ العام 2016 ولغاية اليوم، جوهرها الأساس يدور حول وجود أعدادٍ ضخمة من الشباب قبالة منظومة تحفظ لأصحاب الرواتب تدفق رواتبهم (على كونها غير عادلة)، ولكنها أغلقت الباب أمام 400 ألف داخل جديد لسوق العمل سنوياً. آسفون، لم يعد بالإمكان تعيينكم وتوفير رواتب لكم.
لم يقبل معظم الشباب هذا الأسف. ولم يكن بالإمكان إيجاد فرصٍ توازي أعدادهم ضمن القطاع الخاص، المعوّق أصلًا. بينما لم تعد مالية الدولة تصرف مثل سابق عهدها. كل هذا، مُبرقعٌ بخيمة كبيرة من ضعف الثقة، ظهرت بجلاء في ضعف المشاركة بانتخابات عام 2018.
في خارطة المشكلات هذه، لا يوجد طرفان؛ (المواطن والمسؤول) كما يحلو للبعض أنْ يفصّل. إنما يوجد 40 مليون طرف، كل مواطن سيتعاطى مع الأزمة المستدامة بشكلٍ ما. إنه في الحقيقة درسٌ كبيرٌ جدًا، لكنْ بانتظار أنْ يحضره الجميع، ليفهمه الجميع، ولا عذر للغائبين.