بغداد : نورا خالد
يقال «ان الصداقة هي وجهك الاخر ان وجدته وجدت نفسك»، ولكن اي صداقة؟ وهل تقتصر هذه المقولة على الصداقة بين ابناء الجنس الواحد او تنطبق على العلاقة التي تربط بين الجنسين؟.
من المؤسف أن يتعرض مفهوم الصداقة بين الرجل والمرأة الى الاساءة والتشويه والظلم في مجتمعاتنا الشرقية، ولكن رغم هذا كله نشأت مثل تلك الصداقة نتيجة وجود المرأة والرجل على مقعد واحد من مقاعد العمل والدراسة والحياة، واصبح امرا عاديا ومألوفا عند البعض، بل ورمزا للتباهي كونه يعكس الصورة الحضارية للمجتمع.
هل هناك صداقة بين الرجل
والمرأة؟ «غالبا ما يتردد هذا السؤال على ألسن الناس ودائما ما تكون الإجابات نمطية وفق منظور (الرومانسوبايولوجية) اذ يتم
نفي وجود مثل هكذا علاقة بين الاثنين مالم يتم تحريكها بايولوجيا او رومانسيا ونفي صفة البراءة عنها»، حسب د. خالد حنتوش المتخصص بعلم الاجتماع،
واضاف «اذا ذهبنا الى القيم الاجتماعية فسنجد ما يشبه التحريم، خاصة في القيم الريفية، لذا فان مجتمعاتنا الشرقية مازالت تتحفظ على علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة».
مستدركا «ضغط العولمة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعلنا امام شكل غير ما ألفناه سابقا وهو الصداقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي غزت كل بيت واسرة وفرد، واصبح لدينا المئات بل الآلاف من الاصدقاء الافتراضيين الذين قد لا تتاح لنا فرصة للقاء المباشر معهم الا من خلال العالم الافتراضي وكاميراته الرقمية»، فهل كسرت العولمة هذا المنع، في علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة؟، يمكننا ان نقول نعم لقد كسرته الى حد ما، خاصة ان التواصل يتم بعيدا عن اعين الرقيب (الاجتماعي- الديني).
رفض اجتماعي
الموظفة لمياء حسين قالت «ان المسألة طبيعية جدا ومن الجميل أن تقوم مثل هذه الصداقات المبنية على الود والاحترام بين الجنسين، وهي
بالفعل موجودة في مجتمعنا، لكن اغلبنا يضعها تحت عنوان الزمالة لان كلمة الصداقة تثير حساسية البعض»، وأكد المهندس كريم
محمد ان «صداقة الرجل والمرأة غالباً ما تكون اقوى واكثر
متانة من صداقة المرأة بالمرأة، لأنها تتميز بالوفاء ودائما ما
يكون بجانبها في الاوقات الصعبة، ليقدم لها الدعم النفسي والمعنوي، على عكس العلاقة بين النساء
التي تشوبها على الاغلب الغيرة والحسد والتنافس بينهن ولكن على الرغم من ذلك فهي تواجه رفضا اجتماعيا بسبب العادات والتقاليد التي تمنع مثل هذه العلاقات بين الجنسين».
تغييرات اجتماعية
بينما اوضحت زينب سليم ان «مثل هذه العلاقات موجودة بشكل اوسع بين افراد المجتمع المتعلم والمنفتح، لكنها لم تصل بعد الى أن تكون ظاهرة اجتماعية، فمجتمعنا بحاجة الى الكثير من التغييرات الاجتماعية والممارسات الحضارية والى مزيد من الادراك والثقافة والوعي ليتقبل مثل هذه العلاقات».
ويختم د. حنتوش كلامه «يبقى موضوع علاقة الصداقة
بين الجنسين محط نقاش وتفسير وهو من الموضوعات الحيوية التي تبقى تستثيرنا لانها تعبر
عن حياتنا الإنسانية التي نعيشها يوميا الا انها ستبقى
خاضعة لمقاييس قيم دينية واجتماعية».
وهنا يظل التساؤل قائماً، اذا ما تم تحييد (المانع الاجتماعي- الديني)، هل يمكن لهذه العلاقة أن تبقى بريئة وفي حدود الصداقة الإنسانية ؟.