فيلم {الأب}.. عن محنة العزلة والنسيان في خريف العمر

منصة 2021/04/06
...

د.حسين الطائي
 
تبديل الأدوار براعة إخراجيَّة بعد أن قام كاتب السيناريو بإخراج فيلم “الأب” وتبادل الأدوار مع مخرج سينمائي بريطاني. ينجح كاتب السيناريو في تجديد براعة متفردة في صناعة الفيلم من خلال موقع تصوير اعتدنا أن نشاهد مثل هكذا أفلام مثل (1408، الغرفة، الحبل..) وغيرها من الأفلام لكننا اليوم نرى تحفة فنيَّة رائعة يجسدها المخرج (فلوريان زيلر) كاتب سيناريو فرنسي شاب استطاع أنْ يمثلنا عاطفياً من خلال الولوج الى تفاصيل الذات عند الرجل تحديداً؛ أي أن المشاهد للفيلم سوف يعيش إحساساً نفسياً عاطفياً، لا سيما عند التفكير بالشيخوخة.
المكان وجبة سينمائيَّة دسمة متكاملة يقدمها فيلم “الأب” 
(THE FATHER) على مستوى السيناريو الذي كتبه كريستوفر هامتون بالتعاون مع مخرج الفيلم فلوريان زيلر، والأداء التمثيلي لبطل الفيلم أنتوني هوبكنز، وأوليفيا كولمان الفائزة بالأوسكار قبل عامين.
تدور أحداث الفيلم حول إطار سايكولوجي إنساني عن رجل يتقدم به العمر وما يتعرض له من فقدان للقدرات الإدراكيَّة، وهي موجودة في عالمنا المحيط، وعلى الرغم من وجود ابنته في حياته ورعايتها له، وعلى الرغم من ذلك فهو شخصٌ عنيدٌ يحاول ألا يعتمد على من حوله، يحاول أيضاً أنْ يخلطَ بين شقة ابنته آن وين فيرفض كل المساعدة التي تقدمها مساعدة ابنته آن، لكنَّ الكوابيس تظل تطارده حتى تجعله في حالة تشكيك في كل من 
حوله.
“الأب” فيلم درامي إنساني نفسي لهذا العام من المتوقع أنَّه سيكون منافساً كبيراً في جوائز الأوسكار لعام 2021 بعد أنْ تمت كتابته من قبل النقاد والمختصين، وهو مقتبسٌ من مسرحيَّة “الأب” الفرنسية التي صدرت في العام 2012، الفيلم إنتاج فرنسي بريطاني 
مشترك.
لا يريد المهندس السابق أنتوني (أنتوني هوبكنز) مغادرة شقة لندن الفاخرة حيث عاش فيها لسنوات عديدة، عندما تقرر ابنته آن (أوليفيا كولمان)، التي تعيش معه، مغادرتها للعيش في باريس مع بول (روفوس سيويل)، يبدأ الصراع بين الحبكة الرئيسة والحبكة الفرعيَّة للعمل، إذ يقلق أنتوني من وجود شخص طالما اعتمد على الآخرين وتبدأ آن بالقلق أيضًا، لأنَّ والدها تظهر عليه علامات “الزهايمر”، أحيانًا يكون على ما يرام تمامًا، لكنْ في أحيان أخرى لا يعرف من هي ابنته ويتخيل ابنته المفقودة 
لوسي.
يقول أنتوني أحياناً إنه يرى في شقته رجلاً لا يتعرف عليه، وهذا الرجل يقول إنه يعيش هناك، إنها بداعة الإخراج والرؤية التي تخلط لنا السرد الطويل بالسرد الدائري في مفاصل ومشاهد معينة مثل جلب انتوني الدجاج من المطبخ، هنا تصاعدت الذروة ونتج الانفجار بين الصراع الداخلي لانتوني وسماع عبارات المريض من قبل زوج آن، لذا تقرر آن أنْ تستأجر ممرضة تُدعى لورا (إيموجين بوتس) لرعايته، ولكن على الرغم من رد الفعل الإيجابي الأولي لأنتوني تجاهها، إلا أنه يؤكد عدم حاجته إلى مقدم رعاية ويمكنه الاعتناء بنفسه، ومع ذلك، عندما لا يجد شيئًا ما يبحث عنه، يسأل آن إذا كان في شقته الخاصة، لأنها فجأة تبدو مختلفة، حتى أنه يشك في آن، متسائلاً عما إذا كانت تمارس بعض الحيل معه لتجعله يعتقد أنَّ حاجياته الخاصة لم تكن موجودة أصلاً.
الفيلم المرشح لعدد من الجوائز في مهرجان أوسكار 2021، أبرزها أفضل ممثل وأفضل ممثلة مساعدة  وأفضل فيلم، وأفضل إخراج.
“كل شيء سيكون على ما يرام”.. هذه الكلمات تقولها الممرضة وهي تحتضن العجوز “أنتوني” في نهاية فيلم “الأب the father”، قادرة على توصيل مشاعر الحزن والضياع التي وصل البطل مع مرور الوقت، وما يعيشه في خريف العمر.
و”أرى أوراقي تتساقط” هذه العبارة هي من حوار محبك مسرحي ذكرت في نهايات الفيلم بعد إدراك انتوني أنه يتهاوى ويسقط مثل أوراق 
الأشجار.