قيس قاسم العجرش
كلما طرح موضوع التقارب الإقليمي بين العراق وبعض الشركاء في المنطقة، طرح معه تساؤل ساذج عن مدى استفادة العراق(النفطي)، من بلدان (غير نفطيَّة)!.
وكأنَّ الشكل الوحيد للتعاون الدولي هو أنْ نتلقى (معونات) من بلدانٍ غنيَّة وعندها تنتهي الحكاية.
طبعًا التفكير المُسطح النمطي لن يتكلف عناء شرح التبريرات التي تفترض أنَّ الشركاء النموذجيين سيغرفون من أموالهم ويمنحونها للعراق، لماذا تفترتضون أنَّ هذا سيحدث؟.
لقد بشّر كُتاب مهمون قبل سنوات بنهاية عصر الدولة الويستفاليَّة.
الدولة التي تقام على النمط والصورة المعروفة بهذا المصطلح، دولة لها حدودٌ معروفة وسكّان مترابطون بوشائج اقتصاديَّة واجتماعيَّة داخليَّة، وتعزلهم بالوقت نفسه عمن هم خارج هذا الإطار الحدودي المفاهيمي.
دولة تشبه البيت أو القلعة.
لكنَّ التجربة الحديثة لهذا النمط، أثبتت احتماليَّة كبيرة لظهور سفاح فيها، يذبح أهل القلعة من دون أنْ يتمكن أحدٌ من نجدة صرخات المذبوحين.
وهناك احتماليَّة أخرى قويَّة أيضًا، هي أنْ يبقى اقتصاد هذه (القلاع) يتلاطم بين جدرانها، بينما يتقدم العالم الحر المنفتح المتواصل باضطراد.
وتنشأ فجوة الفقر والتكنولوجيا مع المحيط.
وحين انتصف القرن العشرون وانتهت الحرب العالميَّة الثانية، كان الهاتف والطائرة والتلفزيون، من أبرز سمات الكوكب التي عملت على إلغاء جدران تلك القلاع.
ثم حلَّ القرن الحادي والعشرون، ليفتح كل شيء على كل شيء، ويتواصل الناس مع كل الأرض، كما يتواصلون بين غرفة وأخرى.
لم تعد جدران القلاع تمنع سوى ضوء الشمس.
وصار طلب السوق والفرص ينتشر مثل الكيروسين حين يبلل خشبة.
لهذا كله، سيكون التقارب والتعاون هو سمة العصر الحاضر والقادم.
والاقتصاد هو الملف الأبرز في هذا التعاون، و المهارات هنا ستبرز أي الحكومات ستكون أسرع من غيرها للاستثمار في عصر ما بعد ويستفاليا.