بيروت : جبار عودة الخطاط
لأن قرار إنضاج الحراك الحكومي وبلورة التشكيل الحكومي المنتظر للمكلف سعد الحريري ليس قراراً لبنانياً محضاً بل هو تداخل عجيب بين العامل الخارجي المؤثر بقوة في التوليفة السياسية اللبنانية وبين التقاطعات المحتدمة بين الفرقاء والتي تستمد زخمها من العمق الطائفي المتحكم في دهاليز السياسة اللبنانية، انخرط الرئيس المكلف الحريري في مجموعة زيارات خارجية ومنها زيارته اليوم الخميس للفاتيكان من أجل اللقاء بالبابا فرنسيس.
رغم أن غرماء الحريري في التيار الوطني الحر يصفون جولات الحريري بأنها “لعب بالوقت”، وأنه يعمد اليها تهرباً من المسؤولية الملقاة على عاتقه بضرورة التباحث الجدي مع الرئيس اللبناني ميشال عون من أجل التوصل الى تشكيل الحكومة التي طال انتظارها في بلد بات يعيش حالة الانهيار في مختلف مفاصل حياته الاقتصادية والاجتماعية، ويصف التيار الوطني الحريري بأنه يستغل ثغرة في الدستور اللبناني لا تلزم الرئيس المكلف بوضع سقف زمني محدد لإنجاز حكومته.
مصادر تيار المستقبل بالمقابل ترد على التيار الوطني الحر بتأكيدها أن جولات الحريري هي جهد يبذله زعيم المستقبل من أجل الانفتاح على الخارج بغية حلحلة القضايا الحكومية العالقة، كما أن الحريري وفقاً لـ “المستقبل” يسعى لاستثمار منظومة علاقاته الدولية من أجل مساعدة لبنان في أزمته التي تفاقمت.
وتقول مصادر قريبة من التيار الأزرق لـ “الصباح”: إن “الرئيس سعد الحريري سيشرح للبابا في لقائه اليوم الخميس أبعاد الأزمة الحكومية، وإنه حريص على تمثيل المسيحيين في فريقه الوزاري بشكل عادل بحيث لا يتمتع أي طرف في الكابينة الوزارية بحق النقض والتعطيل الذي يمنحه إياه حصوله على الثلث المعطل”.
وكان المكتب الإعلامي للحريري قد ذكر في بيان له أنه تبلغ أمس الأول الثلاثاء من سفير الكرسي الرسولي في لبنان المونسينيور جوزيف سبيتيري أن البابا فرنسيس سيستقبل الرئيس الحريري في الفاتيكان في 22 نيسان الجاري.
مضيفاً أن الحريري قد تقدم بطلب اللقاء قبل نحو أسبوعين، وسيشمل برنامج زيارته لقاء أيضا مع وزير الدولة (رئيس الوزراء) في الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين.
البابا فرنسيس الذي أعلن في وقت سابق بانه سيزور لبنان “قريباً”، كان حذرا في تصريحات سابقة له من “فقدان لبنان لهويته الوطنية والا نغماس في التجاذبات والتوترات الإقليمية”، مضيفاً “نتمنى أن يشهد لبنان التزاماً سياسياً، وطنياً ودولياً، يسهم في تعزيز الاستقرار”، مشدداً على “ضرورة أن تحافظ بلاد الأرز على هويتها الفريدة من أجل ضمان شرق أوسط تعددي متسامح ومتنوع، يقدم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه أقلية فحسب”، مؤكداً أن “إضعاف المكون المسيحي في لبنان يهدد بالقضاء على التوازن الداخلي”.
أما البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والذي كان يمثل حلقة الوصل بين لبنان وبابا الفاتيكان، فشدد في كلمة له خلال دورة استثنائية أمس الأربعاء لـ”مجلس البطاركة الأساقفة الكاثوليك في لبنان” في بكركي على أنه “أمام انهيار البلد بمؤسساته واقتصاده وماله طالبنا بعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة أسوة بسواه من البلدان”، متابعاً بالقول: “نريد حكومة تعمل على إعادة الهيبة للدولة واجراء الاصلاحات وتحرير القضاء من السياسيين لكي يتمكن من الحكم بعدل فالعدل اساس الملك”.
بالموازاة، أكد رئيس البرلمان العربي عادل بن عبد الرحمن العسومي “أهميّة انخراط جميع الفرقاء في لبنان في حوار عاجل، للتوصّل إلى توافق حول تشكيل حكومة كفاءات واختصاصات وطنيّة، تكون لديها القدرة على مواجهة التحدّيات الاقتصاديّة القائمة، ووضع خارطة طريق واضحة لتنفيذ الإصلاحات اللّازمة، وإنقاذ البلاد من الأزمة الراهنة، الّتي لم تعد تحتمل أيّ تأخير في التوصّل إلى حلّ شامل ونهائي لها”.
ودعا في بيان، “الأشقّاء في الجمهوريّة اللبنانيّة” إلى “الاصطفاف الوطني والتكاتف وإعلاء المصلحة الوطنيّة العليا، لإنقاذ لبنان من الوضع المتأزّم الحالي”، مشدّدًا على أنّ “ذلك بات يمثّل أولويّةً ملحّةً للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، الّذي يواجه أزمةً اقتصاديّةً خانقةً، في الوقت ذاته الّذي يكافح فيه التداعيات الصحيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة
لجائحة “كورونا”.