الصحة والمحاصصة

آراء 2021/05/22
...

 نجاح العلي
عندما تمَّ تشكيل لجنة تحقيقية لكشف تفاصيل حادثة مستشفى ابن الخطيب؛ أشيع في الأوساط الشعبية ان هذه اللجنة وتوصياتها ستتم  لملمتها وتسويتها بصفقة سياسية، وتتم محاسبة صغار الموظفين من دون ان تطول كبارهم
 لكن الواقع اثبت عكس ذلك فبعد مرور  ايام قلائل عن نتائج هذه الكارثة التي راح ضحيتها اكثر من 200 مواطن عراقي بين شهيد وجريح، حتى تمت محاسبة مسؤولي وزارة الصحة، بدءا بقبول استقالة وزير الصحة وانتهاء بمعاقبة مدير المستشفى ومعاونيه بعقوبات ادارية صارمة تتناسب مع الضرر الذي تسببوا به.
ما حصل من تداعيات مستشفى ابن الخطيب انه اوصل رسالة الى المسؤولين داخل وزارة الصحة وخارجها، بعدم التهاون مع ارواح العراقيين، وظهر هذا الامر جليا باصدار اعمامات واخذ تعهدات، تؤكد ضرورة الاهتمام والالتزام بشروط السلامة والامان والقيام بجولات تفتيشية للمستشفيات والمراكز الصحية، للتأكد من تطبيقها لتوجيهات وتوصيات الدفاع المدني.
وزارة الصحة من اكثر وزارات الدولة العراقية معرض وزراؤها للاستجواب والاقالة، بدءا باستجواب عديلة حمود، مرورا باستقالة علاء العلوان، الذي تعرض لضغوطات من جهات متنفذة لتمرير صفقات فاسدة، لكنه فضل الاستقالة وانتهاء بوزير الصحة المستقيل حسن التميمي.
الوزير القادم ستكون على كاهله تركة ثقيلة من وزارة ضخمة تضم اكثر من 300 الف موظف ومئات المستشفيات والمراكز الصحية والمختبرات، تتعامل يوميا مع مئات آلاف المرضى والراقدين، في ظل جائحة كورونا وضغوطاتها، فضلا عن التظاهرات المستمرة امام مقرها للمطالبة بالتعيين، واخرى من قبل ملاكاتها الصحية والادارية طلبا للحماية من الاعتداء عليهم من قبل بعض ذوي المرضى او طلبا للمخصصات الادارية، التي ظلت حبيسة الادراج تراوح في مكانها بين أروقة مكاتب مجلس النواب ووزارة المالية والامانة العامة لمجلس الوزراء بانتظار اقرارها قريبا. وزير الصحة القادم لا بد أن يكون استثنائيا بحق، لان المهمة الملقاة على عاتقه صعبة تمس حياة الملايين، وتتطلب ان يتمتع بالكفاءة والجرأة والاستقلالية، بعيدا عن المحاصصة السياسية المقيتة، لأن أي خطأ او تلكؤ في هذه الوزارة تكون نتائجه كارثية تتسبب بازهاق ارواح العراقيين، الذين عانوا وما زالوا يعانون من تردي الواقع الصحي وتدهوره، واندثار وتقادم اغلب مستشفياته ومراكزه الصحية، فضلا عن هجرة الكفاءات الصحية الى خارج العراق او التحول الى القطاع الخاص، لعدم توفير الحماية القانونية والمعنوية والمالية لهم.